المستويات الثلاثة للوعي البشري
بقلم: كين رامزي
7 مارس 2019
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
راجعه وقدم له: المهندس حسن سلمان الحاجي
المقالة رقم: 249 لسنة 2020
التصنيف: أبحاث سلوكية
The Three Levels of Human Consciousnes
Kain Ramsay
Mar 7,2019
مقدمة المهندس حسن سلمان الحاجي
بالرغم من قِدم مسألة الوعي ومحاولة الإنسان لفهم ما هو الوعي وكيف ينشأ، إلاّ أن موضوع الوعي لا يزال من المسائل الصعبة في الإمساك بها وتحليلها علمياً وفلسفياً، ولا يزال العلماء يبحثون وينتجون معارف جديدة تتراكم مع الأيام على أمل الوصول إلى حل لهذه المعضلة العلمية.
في هذا المقال الرائع يتناول الكاتب كين رامزي المستويات الثلاثة للوعي وكيف يؤثر كل واحدٍ منها على نمط تفكير الإنسان وقراراته وسلوكياته.
الموضوع المترجم
يمكننا أن نتصور الوعي «الموعي» على أنه ثلاثة مستويات متميزة: الوعي ودون الوعي «ألاّموعي أو ما قبل الشعور / العقل الباطن»، واللاوعي.
لدى البوذية نظرية عقل متطورة ولكنها احتوت بلا شك مفاهيم الوعي وألاموعي لأكثر من آلاف السنين. سيغموند فرويد جعل هذه المفاهيم مألوفة في جميع أنحاء العالم الغربي في مطلع القرن العشرين.
يُعرف المستوى الأول من الوعي «الموعي» باسم الحالة الواعية، وهذه الحالة ترجع إلى ادراكنا المباشر بما نحس به ونحن نقرأ هذه المقالة. نحن نستخدم عقلنا الواعي عندما نأخذ مدخلات من حواسنا ونحلل المعلومات، ثم نتخذ قرارات بناءًا على هذه المعلومات.
العقل كجبل الجليد، حيث تطفو سُبع كتلته فوق الماء. ”- سيغموند فرويد“
فوق سطح الماء هناك العقل الواعي والذي ينطوي على ما نكشفه عن أنفسنا، والعقل الباطن «دون الوعي» تحت سطح الماء مباشرة وفِي العمق هناك العقل اللاواعي والذي ينطوي على ما نخفيه عن أنفسنا.
يتكون العقل الواعي مما ندركه في أي وقت من الأوقات. ينطوي على الأشياء التي نفكر فيها الآن، سواء أكانت في مقدمة عقولنا أو في مؤخرتها. إذا كنا ندرك الشيء، فهو في عقلنا الواعي.
فسر روبرت كولير العقل الواعي من خبرته عندما قال: ”فقط من خلال عقلك الواعي يمكنك الوصول إلى عقلك الباطن. عقلك الواعي هو ناطور على الباب وحارس عند البوابة. إنه العقل الواعي الذي يبحث العقل الباطن عن كل انطباعاته“.
على سبيل المثال، في هذه اللحظة قد تكون غلى علم واع بالمعلومات التي تقرأها، أو بصوت الموسيقى التي تستمع إليها، أو بالحوار الذي تجريه. كل الأفكار التي تمر من خلال عقلك، والأحاسيس والتصورات من العالم الخارجي، والذكريات التي تجعلها حاضرةً في وعيك كلها جزء من ذلك الشعور الواعي.
المستوى التالي من الوعي، هو دون الوعي «تحت الوعي أو تحت الشعور أو العقل الباطن»، وهي الأشياء التي تتشكل منها الأحلام. يمكننا اعتباره مخزنًا لجميع المشاعر التي نتذكرها، والانطباعات التي بقيت في أذهاننا من خلال هذه المشاعر، والميول التي تثيرها أو تعززها هذه الانطباعات.
كل تجربة مررنا بها، وكل فكر، وكل انطباع باق في عقلنا الباطن يؤثر على أنماط تفكيرنا وسلوكنا أكثر بكثير مما ندركه.
العقل الباطن يحمل معلومات تحت مستوى الوعي قليلًا. قد يتذكر الشخص هذه المعلومات بسهولة نسبية، وعادة ما نشير إلى هذه المعلومات على أنها ذكريات.
على سبيل المثال، إذا سألك شخص ما الآن ما هو اسمك الأوسط، فستتمكن من تذكره، أو متى كان عيد ميلاد والدك أو متى مطرت السماء آخر مرة. ذكريات التجارب السابقة تعيش فيما أشار إليها فرويد بالجزء اللاواعي من عقولنا، والذي قد لا نكون على دراية بلحظة واحدة منه، ثم نركز بشكل كامل على اللحظة التالية.
ما ننجزه في حياتنا وعملنا وعلاقاتنا سيُحدد عادة من خلال العادات التي طورناها بمرور الزمن. ممارسة تحديد الأولويات والاستمرار في الاهتمام بالمهام اليومية الهامة هي مهارة عقلية وجسدية. على هذا النحو، هذه العادة يمكن تعلمها من خلال الممارسة والتكرار حتى تستقر في عقلنا الباطن وتصبح جزءًا دائمًا من سلوكنا.
يُعرف المستوى الأخير من الوعي باللاوعي «اللاموعي». ويتكون هذا من أفكار وذكريات ورغبات بدائية / غريزية مدفونة في أعماق أنفسنا، أدنى بكثير من وعينا الواعي. على الرغم من أننا لا ندرك وجودها، إلا أن لها تأثيرًا كبيرًا على سلوكنا.
على الرغم من أن سلوكياتنا تميل إلى أن تعني القوى اللاواعية التي وراءها، لا يمكننا الوصول بسهولة إلى المعلومات المخزنة في اللاوعي «اللاموعي». خلال فترة طفولتنا، قمنا بمراكمة العديد من الذكريات والتجارب المختلفة التي شكلت معتقداتنا ومخاوفنا وانعدام أمننا التي نحملها اليوم. ومع ذلك، لا يمكننا تذكر معظم هذه الذكريات. إنها قوى باطنة توجه سلوكنا.
على سبيل المثال، الأشياء في اللاوعيك «اللاموعيك» التي ربما تشمل التجارب السلبية من ماضيك أو حدث صادم أبرزته pushed out of من عقلك الباطن. قد تكون هناك بعض التجارب أو الأفكار الحياتية التي تشكل تهديدًا كبيرًا لدرجة أن بعض الناس لا يعترفون بها بشكل كامل، وبالتالي يقوم جزء العقل الباطني / اللاواعي بالتوسط فيه.
تستخدم نظرية جبل الجليد لفرويد Iceberg Theory صور جبل جليدي لفصل ”مستويات الوعي الثلاثة“ هذه. وبالمثل، يمكننا استخدام جبل الجليد كاستعارة مفيدة لفهم كم نختار من أنفسنا لنكشفه بحرية للأشخاص الآخرين الذين نتفاعل معهم على أساس يومي.
عندما يطفو جبل الجليد في الماء، تبقى الكتلة الشاسعة منه تحت سطح الماء. فقط نسبة صغيرة منه تكون مرئية فوق السطح، والجزء الأكبر والأكثر تأثيراً يبقى غير مرئي تحت الماء.
وبنفس الطريقة تمامًا، سيكون لكل واحد منا غالبًا جزء من أنفسنا نكشفه للآخرين، والجزء الأكبر من أنفسنا مغمور بعمق بحيث لا يمكن لأحد أن يراه.