مرثية ”طبيب الغلابة“
مرثية ”طبيب الغلابة“
كنا نراك بأعينٍ مكسورةٍ
واليوم أنت من السماء ترانا
لم تـُعطَ عنوان العبور لبابها
يوماً، فإنك تملك العنوانا
قد عشتَ سلطاناً على الدنيا، ومَن
يزهدْ بدنياهُ يعش سلطانا
لم ترضَ وعداً للزمان وذلهِ
فلطالما وعد الزمان وخانا
راهنتَ في المعروف أشواطاً فما
ضيعت شوطاً، أو خسرت رهانا
لم تعطِ مكسـور الفؤاد دواءهُ
إلا وقد أعطيتهُ الإيمانا
مرضاك ما ذاقوا دواءك وحدهم
بل قد تخـطـّاهم لنا فشفانا
ليس الذي تشفيه من أوجاعهِ
أحرى بمن تشفي له الوجدانا
كان الضمير من القساوة صخرةً
واليوم قد أخذ الدواء فـَـلانا
وكانما كُشِفَتْ بهِ أبصارُنا
أو عاد من بعد المشيب صِبانا
**
يا بن "البحيرة" نستميحك عذرنا
إنـّا منعنا دمعنا فعصانا
قد طاف منك على سماء خليجنا
نجمٌ تدانى ثم طار دخانا
أسِفت لهُ أحياءُ مصرَ بقدرما
أسفت لهُ أحياؤنا وقـرانا
لما تلقتك الملائكُ، راعنا
أنـّا عرفنا حجمنا ومدانا
وبأننا في العشق لسنا وحدنا
لكنْ هنالك عاشقون سوانا
يا مانح الإحسان طيلة عمرهِ
لكنه قد يرفض الإحسانا!
هل كنتَ تدري حين تشفي طفلةً
إنْ كنتَ تزرع في المدى ريحانا
وبثثت حبك في البيوت كأنما
أهديت أفئدة المحار جمانا
مرّ الزمان بنا.. وكم هو فارسٌ
ذاك الذي اتخذ الزمان حصانا
لم يمنع الجسد النحيف بأن يرى
أسس الكمال فيرفع البنيانا
ما جئت كي تبري العليل بقدرما
قد كنت فينا تبعث الإنسانا
قد يمنح الدنيا عطاؤك كلـّها
لكنه لا يمنح النسيانا!
من كان في الميدان يجري وحدهُ
حتماً..، سيملأ وحده الميدانا
الحسن يطرق كل عينٍ، إنما
روح المحبةِ تطرق الآذانا
قد كنت في معنى الحياة لنا اباً
ولقد فقدنا في الحياة أبانا