الذكاء الاصطناعي يشخص الأمراض ويخدم الطب
عند تصفحي لموقع شركة ريفايف - ميد ReviveMed الأمريكية «https://reviveded.io» أدهشني ما تقوم به هذه الشركة في تطويع تقنية الذكاء الاصطناعي AI بكل مستوياته في الطب والعلاج، ودور ذلك في مساعدة العلماء والأطباء في التعرف على طبيعة الأمراض واكتشاف علاجات لها. وتركز الشركة على اكتشاف علاجات لأمراض التمثيل الغذائي بما في ذلك أمراض الكبد الدهنية غير الكحولية، وقد طوّرت نهجًا فريدًا باستخدام الذكاء الاصطناعي للاستفادة من عشرات الآلاف من نقاط البيانات الأيضية لاكتشاف علم الأحياء الجديد والعلاجات الأكثر تأثيرًا. ويُعَد مرض الكبد الدهني غير الكحولي مصطلحًا شاملًا لمجموعة من حالات الكبد التي تصيب الأشخاص الذين يشربون القليل من المشروبات الكحولية، والصفة الرئيسة لهذا المرض الشائع في العالم [وفي الولايات المتحدة الأمريكية يصيب حوالي ربع السكان] هي كمية الدهون الكبيرة المخزَّنة في خلايا الكبد.
وباستخدام منصة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهذه الشركة والبيانات الأيضية من الأنسجة والسوائل الحيوية للمرضى، يمكنها اكتشاف علاجات لأمراض التمثيل الغذائي مع الاحتياجات الطبية غير الملباة. ومع نمو قاعدة بياناتها، تمكنت بذكاء من زيادة التعلم عن أمراض التمثيل الغذائي ومظاهر متلازمة التمثيل الغذائي.
ويعتمد جوهر تقنية الشركة، التي تم تطويرها في مختبر فرينكل Fraenkel في قسم الهندسة البيولوجية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، على خوارزمية التعلم الآلي Machine Learning المستندة إلى شبكة للتحليل التكاملي للبيانات الأيضية غير المستهدفة مع المعلومات الجزيئية الأخرى واسعة النطاق مثل البيانات من الجينات والبروتينات والأدوية والأمراض.
ومن بين أنواع مختلفة من البيانات الجزيئية، توفر عمليات التمثيل الغذائي المعلومات الأكثر وظيفية. ومع ذلك، تعتمد معظم التقنيات الحالية فقط على mRNA [وهو جزيء وحيد السلسلة من RNA يتوافق مع التسلسل الجيني للجين ويقرأه الريبوسوم في عملية تصنيع البروتين]، باستثناء الأيض، بسبب الغموض في استخدام بيانات الأيض واسعة النطاق. مع النُهُج الأخرى التي تدمج الأيض، لا تزال التجارب الإضافية المكلفة للوقت والمكلفة ماديًا أيضا تقتصر على وصف جزء صغير من كتل المستقلب. وللمعلومية، فإن أول من اقترح وجود mRNA هما الباحثان جاك مونود وفرانسوا جاكوب، واكتشفه لاحقًا فرانسوا جاكوب وسيدني برينر وماثيو ميسيلسون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في عام 1961 م.
لقد ابتكرت شركة ريفايف - ميد تكنولوجيا تعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنها قياس الكتل الأيضية بسرعة، وبتكلفة زهيدة. وباستخدام قاعدة البيانات الخاصة بها وخوارزمية التعلم الآلي، تقوم بتقليل الحاجة إلى التجارب الإضافية، وتتنبأ بهوية كل كتلة أيضية، وذلك بدمج هذه البيانات مع مجموعات بيانات جزيئية واسعة النطاق مثل الجينوميات والبروتيوميات.
وتقوم الشركة حاليًا بإجراء دراسة تقييمية لصالح شركة بريستول مايرز سكويب الامريكية Bristol Myers Squibb التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، وستعتمد هذه الدراسة على منصة شركة ريفايف - ميد للذكاء الاصطناعي في فهم آليات الاستجابة والمقاومة للعلاجات المناعية في مرضى السرطان، وتتطلع الدراسة إلى اكتشاف رؤى بيولوجية جديدة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لوصف عدد كبير من المستقلبات ودمج هذه البيانات مع مجموعات البيانات الجزيئية الأخرى مثل البروتينات وعلم الجينوم.
وتصب كل هذه الجهود العلمية المتقدمة في مصلحة الانسان، وأنا على ثقة أنها لن تتوقف عند هذا الحد، بل هي تمثل البداية لاحداث اختراقات علمية تفيد البشر وتخفف من معاناتهم. وهنا يأتي التأكيد على أبنائنا وبناتنا في وطننا الغالي على أن يشمروا عن سواعدهم وينخرطوا في هذه الجهود العلمية التي تمثل مضمار سباق في خدمة الانسان، وفرصة كبيرة تساهم في رفع اسم الوطن عاليًا بين الأمم.
وأنتهز هذه الفرصة لأشيد بما قام به الباحث السعودي الدكتور سعيد الجارودي من أبحاث في مجال علاج السرطان والتي كانت أساسًا لتسجيل أكثر من عشرة اختراعات بإسمه. هو وأمثاله من العلماء والباحثين في المملكة يمثلون نماذج منجزة وملهمة لأبنائنا وبناتنا ليحتذوا بهم في مجال البحث العلمي.