لماذا يتزوجنَ مُتزوجًا؟
مُناقشة أنانية كثير من الذكور في المجتمعات العربية إهدارٌ للوقت والمجهود، لا سيما مع وجود قوانين وتشريعات تدعم تلك الأنانية التواقة لسلب كل ما تملكه المرأة معنويًا وماديًا وجسديًا بصورة لم تعُد تتناسب مع ظروف المرأة المُعاصِرة وما وصلت إليه من قدرات عقلية ومعرفية ومادية تجعل النساء الواعيات بحقوقهن والظلم المُسدد نحوهن أكثر مما كان عليه في الماضي، وأحد أبرز أشكال تلك الأنانية المدمرة لحياة أُسر ومجتمعات ما يُسمى ”تعدد الزوجات“ الذي استطاعت بعض البلدان فرملته وكبح جماحه بقوانين صارمة، بينما مازالت بلدان أخرى مُطلقة له الحبل على غاربه بصورة تسيء لكرامة الزوجة وتحط من شأنها وتؤذي الصحة الجسدية والنفسية للأبناء فضلا عن النيل من حقوقهم المادية بصورة مُباشرة أو غير مباشرة.
الأنانية والجهل وقلة الوعي الوقود الدائم لتشدق بعض الذكور بمقولة ”الشرع حلل أربع“، لكن ثمة أمرٌ بالغ الأهمية يجب أن تلتفتي له عزيزتي الأنثى؛ وهو أن نفس الشرع الذي حلل لهم ما حلل ”لم يوجب“ على الأنثى الحُرة الراشدة الزواج بنصف أو ثلث أو ربع رجل تتقاسمه معها أخرى أو أخريات، وما دام الشرع ”لم يوجب“ عليها توريط نفسها بهذا البلاء؛ لماذا نرى نساء يقبلن على أنفسهن هذا المصير رغم ما يكتنفه من مخاطر جمَّة؟
أول الأسباب: أن تولد الأنثى في بيئة ذكورية تعتبر الأمر ”مُعتادًا“ و”طبيعيًا“ إلى درجة أن من هب ودب من الذكور «بما فيهم المتسولين والسكيرين والداشرين» يتزوجون ويطلقون وينجبون من هذه وتلك على هواهم وكأن المرء يعيش في ”مزرعة حيوان“ لا في مُجتمع بشري مُتطور، ولم تدخل عوامل توعوية أو تثقيفية إلى عقل تلك البنت لتُريها حقيقة الأمر، والسبب الثاني: نظام ”البيع والشراء“ الذي يتعامل به بعض ”اولياء الأمور“ الظالمين مع الإناث، بحيث يبيعون تلك البنت تحت وطأة الترهيب والتعنيف بتزويجها لذكر قادر على دفع الثمن الذي يضعونه في جيوبهم أو حساباتهم المصرفية بصرف النظر عن الظروف العائلية والمجتمعية لهذا الذكر، السبب الثالث: برمجة عقل معظم الإناث الساذجات على الشائعات التي أطلقها الذكور منذ زمن وأوهموا المجتمع بأنها ”حقائق“، ومنها أسطورة أن عدد الإناث في العالم أكثر من عدد الذكور، لذا يجدر بكل أنثى الرضى بنصف أو ثلث أو ربع زوج تتقاسمه مع أخريات كي تجد مكانًا يؤويها! أو أسطورة ما يُسمى ”فوات القطار“ عنها وعيشها بمفردها دون أمل بتكوين أسرة لذا عليها قبول أي ذكر للاقتران به كصورة أمام الناس وإن كان هذا الشيء لا يستحق مسمى زواج إلا بالاسم فقط، وبهذا تم غرس أوهام ”الندرة“ في عقولهن، بينما العالم الفعلي الواقعي مليء بالرجال الراغبين في الزواج من غير المرتبطين بنساء أخريات، الرجال كثيرون جدًا في كل مكان، وثمة كميات كثيرة من العُزاب والمُطلقين والأرامل الذين يتمنون الاقتران بتلك المرأة مع توفير حياة أكثر حماية وأمانًا ورعاية لها، هناك مليارات من الرجال الجيدين المناسبين للزواج بهم دون أن تُشاركها بمشاعرهم وأفكارهم وأموالهم وأجسادهم ووقتهم نساء أخريات، فلمَ تضييع الوقت مع رجل فشل في حل مشكلات زواجه السابق، وفشل أيضًا من تحرير نفسه بالطلاق؟ السبب الرابع: رغبة امرأة شريرة في الانتقام من الزوجة الأولى بسبب عداوة سابقة، والسبب الخامس: وهي مسألة نادرة في هذا العصر المليء بالفقراء ومحدودي الدخل من الذكور؛ وهو أن يكون الرجل ثريًا ثراءًا هائلاً يجعل من ملايينه وعقاراته مطمعًا لبعض النساء، لكن الرجال الناجحين حقًا في ثرائهم غالبًا ما يكتفون بزوجة واحدة لأسباب لا مجال لذكرها هنا، وإن تزوجوا أخرى لتسلية مؤقتة أو إشباع نزوة سرعان ما ينفصلون عنها بدهاء يحمي أموالهم منها لتعود إلى المنزل الذي يؤويها قبل زواجها مثلما خرجت منه دون زيادة.. السبب السادس: الانجذاب الشيطاني غير المفهوم نحو ”زير نساء“ تتبعه وتلاحقه المئات لأنهن يعتبرنه جذابًا، لكن هذا الزير لا يستقر فعليًا على واحدة، وإذا اقترن بإحداهن سُرعان ما ينفصل عنها مُطلقًا اسم ”نزوة“ على علاقته بها أمام الناس. السبب السابع: لحظات الضعف والانهيار الأنثوي، وهي أوقات أقرب إلى ما يُسمى في عالم الذكور ”النزوة“، لكنها هنا ليست نزوة جسدية، بل احتياج مؤقت للرعاية أو الحماية بسبب مُصيبة كبيرة شفطت قوتها وقدرتها على التفكير واتخاذ القرار، لذا تتعلق بأول رجل يبدو أنه طوق نجاة قادر على إنقاذ حياتها، وقد يستمر هذا الزواج أو لا يستمر، لكنه يؤدي دوره في وقته قبل انطفاء تلك المشاعر.