آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 12:45 ص

تحولنا إلى روبوتات

بدرية حمدان

تحكم بعاداتك تحكم حياتك، الكثير من العادات الدخيلة أصبحت تتحكم في حياتنا، ففي خضم الحياة وارتفاع وتيرة التسارع وتتزايد المسؤوليات فُقدت الأحلام وضاعت مع تزاحم الوقت، فالضغوط الكثيرة مرهقة خاصة في عصر العولمة الرقمية التي حولت الإنسان إلى روبوت يعمل دون تفكير «هنا نقصد ذكاء عاطفي» فقط مطلوب منه انجاز ذلك الكم الهائل من المهام، فالتعاملات الرقمية عبر الألواح الإلكترونية التي تسير بها الحياة افقدتنا العلاقة الحسية والارتباط بالأشياء، فأصبح لاوجود للارتباط العاطفي مع المحسوسات في وجود التقنية الحديثة، فالعلاقات الرقمية التي تربطنا مع من حولنا هي علاقات سرابيه خالية من الاحساس والمشاعر الحية وتتسم بالبرود والجمود، فهي وقتية بمجرد اغلاق اللوح الإلكتروني تغلق وتضمحل، هي قائمة على المتعة الفورية لا غير. فالصداقة والأصدقاء رقميين، التربية الأسرية رقمية، صلة الأرحام رقمية، الواجبات الإنسانية رقمية، الأفراح والأتراح وغيرها تتصدر قائمة العلاقات الرقمية في حياتنا، واجب رقمي يؤدى بمجرد تمرير الأصبع على شاشة الجهاز لتنقل بين التطبيقات ومواقع التواصل لتحرير رسائل من خلال حروف لوحة المفاتيح ومن ثم الضغط ليتم ارسالها إلى جهة معينة وبعد الانتهاء واغلاق الجهاز ينتهي كل شيء.

التزامات تزيد التوتر وتشعرنا وكأننا نحمل جبال الأرض على أكتافنا دون استراحة، فمعظم المشاكل التي تمر بنا ترجع إلى أمرين: إما أننا نتصرف دون تفكير، أو أننا نستمر في التفكير دون أن نتصرف مع الشعور الدائم بالتقصير وعدم الرضا.

الاهتمام الزائد بالأشياء يرهق ويسبب القلق والتوتر الحياة مبرمجة بقرص معلومات تتغير بضغطة زر فالشفرات المعلوماتية تتغير حسب الخدمة الرقمية التي تُزاول، على الصعيد الذاتي أو الاجتماعي أو الأُسري أو على مستوى العمل والتعلم فالشعور الحي والمباشر معدوم.

صراع مع الوقت والبحث جاري عن برهة ننصت فيها إلى السكون لكي نحلم ونتأمل ونعيد التوازن بداخلنا وإلى الحياة، فالإنصات إلى السكون يساعد على اتخاذ القرارات بشكل أفضل ويكسب الشعور بالهدوء، مما يجعل القدرة على رؤية الصورة كاملة ومن ثم تحديد الخريطة المكانية والزمنية بالشكل المطلوب والمتوائم مع الإمكانيات المتاحة، لنستعيد الأجزاء المفقودة من حياتنا.