حج بدون الذهاب لمكة!!
حرمت الكورونا الكثير ممن أراد الذهاب الحج هذا العام!!
ولعل في ذلك خيرا، فحرمان الحج ليس نهاية المطاف، فالحج هو طرق باب من أبواب الدعاء والقرب من الله، وأبواب الوصول لله مفتوحة بعدد أنفاس الخلائق.
وكأن رفع الحج هذا العام، يفتح آفاقا واسعة للتفكر في طرق التواصل مع الله سبحانه، كي لا يحرم الإنسان نفسه من غايات وأهداف الحج. فما يكسبه الحاج من استحضار وممارسة في أيام الحج من تضحية وصبر وعطاء وتواضع وزهد ومشاركة وتعاون وكثير غيرها، هي المكسب الحقيقي للحاج على أمل أن يمارسها عمليا في حياته بعد عودته لمجتمعه.
فالحج كما باقي العبادات، تأخذ الإنسان إلى العمل والتعامل مع الناس ”بمكارم الأخلاق“، مما يدعون إلى استثمار موسم الحج، وإن لم يتم الحج إلى بيت الله، لممارسة مكتسباته مع أبناء المجتمع بكل فئاته وبالأخص من ينبغي الالتفات إلى معاناتهم!
فالإحرام، هو رمز التخفف من التمايز بين الحاج والآخرين فالكل أشباه بعض في لباسهم متساوون ولا فرق بينهم لا في ثرائهم ولا ثقافتهم ولا جنسياتهم ولا لغاتهم، فالإحرام وأجواءه مدعاة للتواضع في كل أمور الحاج. ومع عدم لبسه، يمكن التحلي بمعانيه قولا وعملا.
والطواف بالكعبة هذا العام يمكن أن يكون طوافا ببيوت المحتاجين لدعمهم، وأسرة المرضى لمساندتهم، ومجالس الآباء والأجداد للاستئناس معهم،
وبدل السعي بين الصفا والمروة تأسيا بهاجر وهي تبحث عن الماء، يمكن أن يكون السعي في العمل والأسواق من أجل تحصيل الرزق بإخلاص ومثابرة وإصرار على تحقيق ذلك، والسعي في حل المشاكل والعقبات بتفاؤل وإصرار،
وبدل موقف عرفة ساعات نهار التاسع، يمكن الوقوف بين يدي الله في كل الأنشطة، كل حين، ودعاء الله بتوجه وإخلاص ومعرفة بما يدفع لمحاسن المعاملات مع كل أبناء المجتمع.
وبدل جمرات مزدلفة، يمكن تخير ما تقع عليه العين عند القراءة وما يخطر في البال من جميل الآيات القرآنية والأحاديث، واستحضار معانيها الجميلة في كل حين وحتما عند مواجهة إغراء الشيطان ووساوسه وتزينه السيئ من الأعمال.
وبدلا من الأضحية في يوم العيد، يمكن التضحية، كل حين وفِي كل مكان، وتقديم ما يمكن منها ومن غيرها من عطايا الله، لكل من يحتاج من الأقربين والأبعدين من المجتمع.
ويبقى التقصير، الذي يمكن الاستغناء عنه كعنوان لبقاء الشخص في أجواء الحج وهو بين أهله وأبناء مجتمعه، على مدار العام.
وليكتمل هذا الحج عن بعد، ينبغي ان لا نغفل فِي كل تفاصيله عن معاني وفلسفة شعائر الحج ومن ترتبط بهم من شخصيات عبر التاريخ.
جمعتكم القبول،
وحجكم مبرور برغم انقطاع السبل إلى بيت الله