عطاء علمي متجدد
من معالم الأحساء التاريخية: مسجد الشيخ عبد المحسن اللويمي في البطالية
بقى المسجد طوال تاريخه منارة وشعلة مضيئة تبث الوعي والثقافة والفكر في صفوف المسلمين فمنه يستقون معالم الدين، ومن خلاله يمارس العالم التصدي لشؤون المجتمع ومعالجة قضاياه المختلفة، وعبر بوابته تبدأ العلاقة بين العبد وربه، وهي أمور يألفه كل مؤمن ومسلم في رسالة المسجد التاريخية، أينما كان وحيثما نشأ.
إلا أن المسجد رغم رسالته ودوره الكبير فإنه هناك تفاوت في طبيعة الدور ومداه بين مسجدٍ وآخر، معتمداً في ذلك على موقعه وإدارته والدور الذي يمارس من خلاله، وأنحن أمام مسجد يعد من أبرز المساجد التاريخية التي خلّف لنا تاريخ حافل بالعطاء والإنجازات الكبيرة، ويشكل مرحلة من مراحل نشاط وأدوار أحد أبرز البيوت العلمية في الأحساء، وهو مسجد الشيخ عبد المحسن اللويمي البلادي بقرية البطالية، ذات الأرث العلمي الراسخ والعطاء المتنامي.
وسنحاول خلال السطور القادمة رغم شح المصادر وقلة المعلومات عن إنجازات هذا المسجد وتاريخه أن نستعرض أبعاد مختلفة مرتبطة به من التأسيس حتى اليوم الحالي، مع الشكر الجزيل للأستاذ محمد بن أحمد الشيخ الذي كان له دور كبير في توفير أهم المواد والمعلومات الأساسية للمقال، فله كل الحب والتقدير.
ولا يتجاوز ما كتبناه عن محاولة للتعريف ببعض المعالم التاريخية في الأحساء تحتاج إلى تطوير وتنمية من خلال الملاحظات والتعديل والإضافة لتكتمل الحلقة مع الاعتذار عن أي خلل أو تقصير.
الشيخ عبد المحسن بن الشيخ محمد بن الشيخ مبارك بن الشيخ أحمد بن محمد بن مبارك بن الشيخ ناصر بن محمد بن ناصر بن حسين اللويمي [1] البلادي الأحسائي السيرجاني. وهو يعود بنسبة إلى «بني لام» القبيلة العربية الشهيرة.
ولد وترعرع في قرية البطالية التي كانت تعرف ب «البلاد» أو «بلاد ابن بطال»، إضافة إلى اسم «البطالية» وبقيت هذه التسميات الثلاث لها إلى نهايات القرن الثالث عشر، وهي من المراكز العلمية الهامة، التي شهدت في هذه الحقبة نشاطاً علمياً كبيراً فقد كانت مهوى قلوب العلماء، ومحط رحالهم من داخل الأحساء وخارجها، من أجل الدراسة والتدريس.
هذا الحراك العلمي من الداخل والخارج كان له دور في صقل وتكوين شخصية الشيخ اللويمي العلمية، لتجعل منه مرجعاً فذاً وعلماً بارزاً ليس في الأحساء فحسب، بل في إيران التي استضافته في مهجره، واستفادت من نمير علومه.
قال في حقه صاحب ”أنوار البدرين“ الشيخ علي البلادي: ”الفاضل المحقق الكامل الشيخ عبد المحسن بن محمد بن مبارك اللويمي الأحسائي من العلماء الأعلام ذوي النقض والإبرام له جملة من المصنفات“. [2]
وقال في شأنه الشيخ حسين بن الشيخ علي البلادي صاحب أنوار البدرين: ”الشيخ المتقن الشيخ عبد المحسن «قدس سره»“. [3]
وقال في حقه ناسخ ديوانه في منطقة سيرجان وهو يشير لفضله: ”هذه المجموعه المنظومة من القصائد والنواحى والنواعي من مصنفات المرحوم المغفور العلام الفهام المجتهد العصر والزمان حجه الإسلام والمسلمين مروج شريعة نبيه ورسوله خاتم النبيين والمرسلين فى مدح أئمة الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين خاصة“.
تتلمذ الشيخ عبد المحسن على عدد من العلماء في الأحساء وخارجها، وقد تمت إجازته من فطاحل الفقهاء في عصره، أما عن دراسته في الأحساء فكانت على يد:
- والده الشيخ محمد بن الشيخ مبارك اللويمي.
ولعله تتلمذ في الأحساء على عدد من الأعلام غير والده، ولكن ليس لدينا ما يثبت أسمائهم.
ويروي عن نخبة من الأعلام الكبار، حيث ذكر ذلك في إجازته الكبيرة التي كتبها لأبنه الشيخ علي وعدد من أعلام المنطقة عبر عن كل منهم بقوله: [4]
- الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ إبراهيم آل عصفور «ت 1216 هـ ».
- السيد الميرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني «ت 1216 هـ »، بحق روايته عن الشيخ يوسف صاحب الحدائق، وتاريخ الإجازة 1209 هـ .
- الشيخ أحمد بن الشيخ حسن بن محمد بن علي بن خلف بن إبراهيم بن ضيف الله البحراني الحويصي الدمستاني، وهو أول من أجاز له الرواية، وقد اجتمع معه في رجوعه من مكة المشرفة بغرة محرم الحرام سنة 1205 هـ .
- ومن مشائخي الشيخ محمد بن علي بن إبراهيم بن عيثان الأحسائي عن مشائخ الشيخ حسين العلامة.
- الميرزا محمد مهدي الحسيني الموسوي الأصفهاني.
- الشيخ جعفر كاشف الغطاء «ت 1212 هـ ».
- الملا محمد علي بن الآقا محمد باقر البهبهاني الساكن ب «كرمنشاه».
هذه المدرسة التي نشأت في الأحساء، بقيت لتنتقل معه بعد هجرته إلى مدينة «سيرجان» التابعة «لكرمان» الإيرانية سنة 1210 هـ ، والتي صيرها مركزاً علمياً على يديه طوال 27سنة مدة حياته هناك، حيث خرج فيها عشرات العلماء على يديه جعله خلالها محل احترام وإعجاب الجميع.
وعن هذه الحقبة الهامة من حياة الشيخ اللويمي يقول الباحث السيد هاشم الشخص في أعلامه:
”وفي «سيرجان» بنى مسجداً، وأسس مدرسة علمية، وكان هناك أستاذاً مدرساً، كما في «سيرجان» وأطرافها زعيماً مرشداً حتى وفاته، وكان ممن صحب المترجم له في إيران واستفاد من علمه العلامة الجليل الشيخ علي بن الشيخ محمد آل رمضان الأحسائي المقتول شهيداً حدود عام 1270 هـ “. [5]
وعن هذه الحقبة في «سيرجان» يقول الشيخ الشاعر الرمضان مبينناً ما لأستاذه اللويمي من فضل عليه، وتلقيه على يديه: [6]
ولولا ملاذي بالديار التي بها
إمامي عبد المحسن العالم الحبر
وفيها أبنه ذخري «علي» أخو العلا
وطوبى لإنسان «علي» له ذخر
لأصبحت مما قد لقيت من البلا
رميماً وشخصي في الملا ما له ذكر
فلا يرتقي شخص لشيخي وابنه
إذا عدَّ زيدٌ في المكارم أو عمرو
فأبقاهما الرحمن للجود كعبةٌ
تطوف بها الوفاد ما طلع البدر
ولكن فقد سيرته السرجونية جعلنا لا نعرف أحداً منهم غير الشاعر الشهيد الرمضان، وأخيه الشيخ عيسى ونجله الشيخ علي، وإلا فإن إقامته وحركته العلمية الفذة التي دفعت أبناء «سيرجان» بناء ضريح له لم يكن إلا عرفاناً لخدمات هذا الرجل وأفضاله عليهم.
انتقل الشيخ اللويمي إلى جوار ربه بمدينة سيرجان الإيرانية التي اختارها موطناً له بعد هجرته وذلك حدود سنة 1249 هـ .
له ولدان عالمان هما:
الشيخ محمد وقد بقي في الأحساء لم يهاجر مع والده، ويعتقد أن نسل الشيخ في الأحساء هم من نسل الشيخ محمد بن الشيخ عبد المحسن.
الشيخ علي هاجر في صحبة والده إلى إيران
إن التركة العلمية للشيخ اللويمي كبيرة، وتعكس الحجم العلمي لهذا الرجل، فهي تتنوع بين التاريخ والسيرة، وبين اللغة العربية والفقه وعلم الرجال والأصول، والذي يظهر من مؤلفاته إنه كان متضلعاً فيها، كما كتب في الأصول وعلم الرجال، والجانب الفقهي بما يتناسب مع سيرة الفقهاء والعلماء من رسائل عملية متفاوتة، وفقه استدلالي، وهي كما يلي:
1 - الإجازة الكبيرة: كتبها لستة من العلماء حين نزلوا عنده في إيران وهم: ولده الشيخ علي، والشيخ علي بن الشيخ مبارك آل حميدان، والشيخ سليمان آل عبد الجبار، والشيخ أحمد بن مال الله الصفار، والشيخ محمد بن مشاري الجفري، والشيخ عبد الحسين بن ناصر الأحسائي القاري، وذكر فيها مشايخه في الرواية، كما ذكر جملة من مصنفاته، ثم ختمها بأربعين حديث شرحها شرحاً وافياً.
2 - بداية الهداية في علم التجويد. [7]
3 - التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة.
4 - شرح الآجرمية في علم النحو. [8]
5 - شرح العوامل الجرجانية في علم النحو، [9]
6 - شرح العوامل المائة: تأليف المولى محسن بن محمد طاهر القزويني. [10]
7 - كفاية الطلاب المودعة بدائع علم الأعراب: نظماً وشرحاً. [11]
8 - وفاة الإمام الحسن . [12]
9 - وفاة الإمام الكاظم . [13]
10 - وفاة النبي يحيى . [14]
عطاء علمي متجدد
يقع مسجد الشيخ عبدالمحسن اللويمي في البطالية في حي الحسيّ بالفريق الشرقي بالقرب من الحسينية العباسية المعروفه اليوم، وقريب منه في نفس الجهة عدة أحياء وفرقان، هي: «حزازة، الشلاعية، القرحة».
كما يقع على مقربة منه المسجد الرفيع «مسجد الإمام الرضا×» في حي القرحة المجاور.
أسماء المسجد:
عرف المسجد على مدى تاريخه بعدة أسماء عرفنا منها ما يلي:
1 - مسجد اللويمي:
نسبة لأسرة اللويمي في قرية البطالية التي تولت إمامة الجماعة والصلاة فيه ولعل التأسيس تم على أيدي أعلامها في القرن الحادي عشر الهجري.
وكان الحي فيه مسكن الأسرة قديماً، ومنزلهم ملاصق لجدار المسجد مما يقوي احتمالية إن المسجد تم بناءه من آل اللويمي قديماً من خلال أرض واحدة اقتطع جزء منها للدار والجزء الآخر لبناء وتشييد المسجد.
2 - مسجد الحسيّ:
والحسيّ: هو نسبة للحي والفريق الذي يقع فيه المسجد لتمييزه عن باقي المساجد الموجودة في الأحياء الأخرى من قرية البطالية. وقد أطلق هذا الاسم على المسجد بعد جلاء آل اللويمي من البلاد وهجرة الشيخ عبد المحسن اللويمي إلى بلاد فارس واستقراره في مدينة «سيرجان»، التابعة لكرمان، وذلك خلال القرن الثالث عشر الهجري، وقد أم المسجد علماء وشيوخ من خارج الأسرة اللويمية، سواء من أعلام البلدة أو ممن استوطن فيها من الشيوخ الأفاضل من البحرين وغيرها، وقد استمر هذا الاسم إلى الحقب الزمنية المتأخرة.
3 - مسجد الإمام الجواد×:
وقد كسب هذا الاسم بعد التعمير الأخير للمسجد حيث تم تغيير اسمه من «الحَسيّ» إلى «الإمام الجواد×»، تبركاً بأهل بيت النبوة .
تأسيس المسجد وتاريخه:
تأسس المسجد من الناحية التاريخية حدود القرن الثاني عشر الهجري، حيث كان يؤم الجماعة فيه جد الأسرة الشيخ أحمد بن محمد اللويمي البلادي الأحسائي، ليتسلسل أبنائه وأحفاده من العلماء والفضلاء الذين حافظوا على استمرارية الخط العلمي للأسرة على مدى عدة قرون.
- الشيخ أحمد بن محمد بن مبارك بن الشيخ ناصر اللويمي البلادي «القرن الحادي عشر».
- الشيخ مبارك بن الشيخ أحمد اللويمي البلادي «القرن الثاني عشر».
- الشيخ محمد بن الشيخ مبارك اللويمي البلادي «القرن الثاني عشر».
- الشيخ عبد المحسن بن الشيخ محمد اللويمي البلادي الأحسائي السيرجاني «ت 1249 هـ ».
- الشيخ عيسى بن الشيخ محمد بن الشيخ مبارك اللويمي البلادي الأحسائي السيرجاني «القرن الثالث عشر».
- الشيخ محمد بن الشيخ عبد المحسن اللويمي البلادي الأحسائي «القرن الثالث عشر».
وخلال هذه المراحل التاريخية والتسلسل لا يبعد أن ارتاد المسجد وأمّ الجماعة فيه بعض أعلام البطالية الحافلة بالعلم والعلماء.
البعد السياسي والتاريخي للمسجد معركة كنزان نموذجاً:
أرتبط تاريخ المسجد ومحيطه ببعض الأحداث السياسية التي تعد من الأحداث المهمة في تاريخ بلدة البطالية بشكل خاص وتاريخ الأحساء بشكل عام، والتي من أبرزها معركة كنزان التي جرت أحداثها بين أهالي الأحساء والملك عبد العزيز من جهة، وقبيلة العجمان والهواجر من جهة أخرى، وكان محيط المسجد جزء من تاريخ هذه المعركة:
تقع منطقة كنزان من حدود قرية الكلابية جنوباً، إلى الجرن شمالاً، ومن نهاية مزارع الشعبة غرباً - إلى عمق 5 كم شرقاً، وكان الداعي إلى المعركة إن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أراد إخراج العجمان من الأحساء، واستمرت حربهم معه وحصارهم له ستة أشهر ونصف الشهر، وقد حدثت المعركة الحاسمة في 15 شعبان 1333 هـ، وفيها قتل شقيق الملك عبد العزيز الأمير سعد بن عبد الرحمن آل سعود، وضربوا الملك عبد العزيز آل سعود في بطنه.
إضافة لما كان يعاني منه أهالي الأحساء من الهجمات الشرسة من العجمان على مزارعهم ونهب أموالهم مما تسبب في تذمر عام في الوسط الأحسائي، وقد طالت المعركة معظم قرى ومناطق الأحساء فكان منهم الشهداء والقتلى خلال الحرب، وقرية البطالية كانت أحدى مناطق المناوشات مع العجمان قبل ذلك.
وإليك عزيزي القارئ ما قاله الحاج علي بن علي بن حسين الحاجي الذي كان شاهداً على سير الأحداث حين وقوعها، إضافة لما ينقله عن أهل بلدته:
«كانت سياسة العمدة أحد أعمامي بعد ما سمعنا برغبة العجمان الاستيلاء على البطالية أن نتعامل معهم بلطف حتى لا نحصل على ضرر منهم فكنا نعطيهم ما يحتاجونه منا من أطعمة، وكانوا يقيمون في الجبل، وعشنا مرحلة السلم فكتب أهل القرية خطاباً إلى الشيخ موسى بو خمسين يطلبونه بتدخل أمير الأحساء لإبعاد العجمان عن البلد، فتخوف الناس من معرفة الأعداء بالموضوع فتعذر الكثير من توصيل الخطاب إلى الشيخ بو خمسين، وتم وضع تحفيزات مالية، وتشجع البعض على ذلك وأتذكر أنهم سلموا لأثنين من الأفراد نصف ريال، وقاما بتسليم الخطاب إلى الشيخ موسى ومنه إلى أمير الأحساء، فعد الأمير الجيش، وجاءت الجنود ومعهم أسلحتهم إلى البلد، وكنا نجهز لهم الطعام ووسائل الراحة، واستخدم الأمير تجهيز المدفع على [وهو المسجد الرفيع المجاور لمسجد الشيخ اللويمي]، سقف أحد المساجد، وأمرنا أن نقول للعجمان أنتم حكومتنا ونحن معكم، ثم بدأت الحرب وقد عبر المغفور له الملك عبد العزيز بفرسه في ساحة المعركة ولكنه لم يصاب بأذى وقد قتل بعض الأفراد من أهالينا في تلك المعركة ومنهم أحمد بن علي الحاجي، محمد حسن المهنا، ومن الفضول، علي العبد» [15] ، ومن البطالية أحد أبناء علي المقرب، [16] .
صرح علمي ومدرسة بارزة:
عرف المسجد كمدرسة للشيخ عبد المحسن اللويمي التي هي امتداد لمدرسة أسرته العلمية التي بلا شك تخرج منها العديد من أعلام المنطقة، وخصوصاً في بلدة البطالية التي كانت مسرحاً لنشاط وتحرك علمي قوي آن ذاك، إلا أن مدرسة الابن الشيخ المحسن اللويمي هي الأكثر شهرة وفاعلية، بل والأكثر وضوحاً، وهذا يرجع لكونه أجاز بعضهم، ولأن الحقبة التي عاشها هي بمثابة العصر الذهبي لتلك القرية بل والمنطقة ككل.
والشيء الملفت في سيرته إن تلاميذ الشيخ والمجازون عنه يمتازون بالتنوع مناطقياً على النحو التالي: ثلاثة من قرية البطالية، وآخر من مدينة الهفوف، وثالث من قرية القارة، ورابع من قرية الجفر، وخامس من القطيف، وهم:
- الشيخ حسن بن علي بن ناصر الأشقر البلادي «كان حياً سنة 1249 هـ ». [17]
- الشيخ عيسى بن الشيخ محمد بن الشيخ مبارك اللويمي البلادي. [18]
- الشيخ علي بن الشيخ عبد المحسن اللويمي البلادي «قرية البطالية».
- الشيخ محمد بن الشيخ عبد المحسن اللويمي البلادي «قرية البطالية».
- الشيخ الشهيد علي بن الشيخ محمد الرمضان «مدينة الهفوف».
- الشيخ عبد المحسن بن ناصر الأحسائي «قرية القارة».
- الشيخ محمد بن مشاري الجفري الأحسائي «قرية الجفر».
- الشيخ علي بن الشيخ مبارك آل حميدان الجارودي «من القطيف».
- الشيخ سليمان بن الشيخ أحمد آل عبد الجبار القطيفي «من القطيف». [19]
فنجده في إجازته لهم بعد هجرته إلى سيراجان، وقد جاءوا لزيارته في بلاد مهجره والاستجازة منه بعد دراستهم على يديه في الأحساء، يشير إلى عنايتهم العلمية لهم في الأحساء، وقد جمعهم في إجازة واحدة جاء فيها [20] :
أول الإجازة محذوف بحسب «منتظم الدرين»، إلى أن يقول: «فضممتهم إلى جناحي، ورضعتهم بالعلم صباحي ورواحي، فنالوا حظاً وافراً من المعقول ونصيباً من المنقول.
الشيخ الأواه والأخ في الله الجليل النبيل التقي النقي أحمد بن الموفق المسدد الحاج محمد بن مال الله الخطي.
والعالم العامل الفاضل، والنجم الزاهر عبد الحسين بن المرحوم المبرور ناصر الأحسائي القاري.
والشيخ العالم والعامل الفاضل الأمجد محمد بن مشاري الجفري.
والولد السارّ البارّ مهجة القلب، وقرة العين علي بن عبد المحسن، أحسن الله له الحال بمحمد وآله.
والشيخ الفاضل الموفق إن شاء الله للعلم والعمل الشيخ سليمان بن الشيخ أحمد بن الشيخ حسين بن عبد الجبار.
والموفق لسداد والرشاد عمدة علماء هذا الزمان الشيخ علي بن العالم الفاضل المحدث الشيخ مبارك بن علي آل حميدان القطيفي مدّا الله له في العمر السعيد والعيش الرغيد.
وأفادوا أكثر مما استفادوا، بحيث ظهر جدهم واجتهادهم وقابليتهم واستعدادهم، وإعراضهم عن مزخرفات الأهواء، وتمسكهم بالسبب الأقوى واختيارهم ما هو أقرب للتقوى، وأهليتهم لنقل الحديث وروايته بل نقده ودرايته...».
ففي قوله: «فضممتهم إلى جناحي، ورضعتهم بالعلم صباحي ورواحي، فنالوا حظاً وافراً من المعقول ونصيباً من المنقول»، أشارة جلية على طول عنايته العلمية بهم إبان وجوده في الأحساء، ضمن المدرسة اللويمية الكائنة في المسجد.
هذا التنوع في الطلبة لو حاولنا أن ننظر إليه بتأمل لوجدنا أن هؤلاء الطلبة لا يشكلون في حقيقة الأمر سوى عينات من مختلف المناطق ممن تتلمذ على يديه، وإلا فإن تلاميذه كثر، إذ من غير المعقول أن يكون طلابه من أصقاع بعيدة عن قرية البطالية كالجفر والقطيف، ولا يكون له غيرهم من نفس القرية أو القرى المحيطة القريبة كالشعبة والحليلة والعمران والقارة وغيرها، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار، إن الشيخ اللويمي كان مرجعاً للتقليد، ومن أساطين العلم الكبار في الأحساء، الذين في الغالب يتشرف رجال الدين بالتتلمذ على أيديهم، والنهل من علومهم.
وبالنسبة لتاريخ مدرسة آل اللويمي والتي احتمل إن المسجد مقرها ومركزها استقطبت أعداد من رجال العلم في الحي المجاور المعروف ب «القرحة»، والذي يضم مسجد عرف ب المسجد الرفيع، وذلك لبنائه فوق تلّه مرتفعة تطل على البلدة، والذي عرف فيما بعد ب مسجد الأمام الرضا×.
وفي هذا الحي كان يسكن العديد من الأسر العلمية كآل فاضل، وآل جبران، كما قطن في هذا الحي بعض علماء مقابا البحرانية الذين نزحوا إلى قرية البطالية وشاركوا في الحراك العلمي فيها منهم:
- الشيخ إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم المقابي البحراني «كان حياً سنة 1165 ه». [21]
- الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ إبراهيم بن أحمد المقابي البحراني «كان حياً عام 1180 هـ ». [22]
- الشيخ محمد صالح المطوع الجدحفصي البحراني «كان حياً سنة 1173 هـ ».
أما من أعلامها المحليين والذين عاصرهم الشيخ اللويمي، والذين لا يبعد أن يكون لهم دور وإسهام سواء بالتدريس أو الدراسة في المدرسة اللويمية:
- الشيخ حسن بن علي بن فاضل آل حاجي «كان حياً عام 1193 هـ ». [23]
- الشيخ عيسى بن الشيخ محمد اللويمي، والذي تتلمذ عليه في الأحساء وصحبه بعد هجرته ليكمل الدرس على يديه.
- الشيخ سليمان بن الشيخ أحمد بن عبد الله بن محمد آل حاجي الأحسائي «كان حياً سنة 1189 هـ » [24] .
- الشيخ حسن بن علي بن ناصر الأشقر «كان على قيد الحياة عام 1249» [25] ، وهو من أبرز تلاميذ الشيخ عبد المحسن في مدرسته في الأحساء ويقول أبناء أسرته إن جدهم ممن التحق بأستاذه بعد هجرته، ولعله صحبه إبان هجرته.
- الشيخ محمد بن عباد آل إدريس «كان حياً سنة 1220 هـ ». [26]
جرت على يديه العديد من الوثائق الشرعية من بيع وصلح وإرث في السنة 1209 هـ ، و1210 هـ ، 1220 هـ ، مما يعني أنه كان يمارس دوره الديني في عصر الشيخ اللويمي وبعده، مما يوحي بمكانته العلمية.
- الشيخ حسن بن الشيخ محمد بن عباد آل إدريس «كان حياً سنة 1253 هـ ». [27]
عمارة المسجد وتجديده:
اعتنى أبناء البلدة بعمارة المسجد على مدى تاريخه، خلال القرون المتعاقبة، وقد حصلنا على بعض الصور، تبين إن المسجد كان في مراحله القديمة تحفة تراثية جميلة شيّدَ على الطراز الإسلامي القديم من الطوب والحجارة البيضاء، على شكل أقواس تحيط بها بعض النقوش الرائعة، وقد استمر هذا البناء إلى مراحل متأخرة حدود العقود الأخيرة من القرن الرابع عشر الهجري.
مع بداية القرن الخامس عشر تم تجديد البناء بطريقة تقليديه حديثه بالخرسانة والأسمنت، بعد أن ذهب ذلك الجمال التاريخي الذي يخطف الأبصار، لكن الحاجة إلى توسعته وتسقيفه كانت دافعاً وراء ذلك.
التعمير الأخير وفيه تمت التوسعة الثانية للمسجد وترميمه ليسع حدود 1000 مصلي على أقل تقدير وتجهيزه بأحسن أثاث يليق بمقام هذا المسجد التاريخي الذي يعد جزء هام من التاريخ الأحسائي العلمي وقامة شامخة في سماء العلم لقرون عديدة.
واليوم يتولى إمامة الجماعة فيه بالتناوب كلٍ من الشيخ عبد الرحيم العبد الله، والشيخ عبد المحسن المسلم.
من صور المسجد
صورة للمسجد تعود إلى سنة 1391هـ، ويظهر فيها المؤرخ الحاج جواد بن حسين الرمضان
صورة للمسجد تعود إلى قبل سنة 1430هـ، بعد أن تم إعادة بناء المسجد وهدم المسجد التاريخي
المسجد بعد التحديث والترميم الأخير سنة 1441هـ
بوابة المسجد بعد الترميم الأخير قبل اكتمال بناءه، وبجواره موضع البيت الذي كان ينزل فيه الشيخ عبد المحسن اللويمي
صورة للمسجد من الداخل بعد التوسعة
من أطراف المسجد من الداخل حيث يجلس كبار السن يتلون القرآن قبل دخول وقت الصلاة
مسجد المقداد، المعروف سابقاً بالمسجد الرفيع والذي كان مسرحاً للأحداث التاريخية لمعركة كنزان مع الهواجر