الوقاية من الأمراض رؤية قرآنية
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾
لقد أمرنا الله تعالى في آيات الذكر الحكيم ورسوله الأعظم ﷺ وأهل بيته في أحاديثهم الشريفة بالحذر وأخذ الحيطة من كل عدوٍ داخليٍ يسكن في دواخلنا كوساوس النفس وهواجسها واتباع هواها أو كالذنوب التي نقترفها بحق أنفسنا وحق الآخرين وحق البيئة والكون من حولنا والتي تستوجب عقاب الله وعذابه وسخطه، لذلك حذرنا الباري سبحانه منها فقال تعالى ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ وقال تعالى ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رءُوفٌ بِالْعِبادِ﴾ وحذّرنا كذلك من كل عدوٍ خارجي كالأمراض الوبائية الفتاكة التي تصيب البشرية بين فينةٍ وأخرى كالطاعون والكوليرا وانفلونزا الخنازير والطيور وكورونا الذي يعصف بالعالم اليوم؛ لأنّ عدم الحذر والوقاية من هذه الأمراض من مصاديق إلقاء النفس للتهلكة ﴿ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.
ومع رغبة وطننا الحبيب والدول والشعوب في العالم كله للانفتاح التدريجي والعودة إلى سياق الحياة الطبيعية، يتوجب علينا أن نكون في غاية الحذر في التعامل مع هذا الانفتاح، وأن نتعاطى مع هذا الوباء الخطير الذي هز العالم بأجمعه وقلب الموازين فيه رأسًا على عقب وفق منهج الإسلام الأمثل الذي ورد في الكتاب المجيد والسنة المطهرة في التعامل مع وباء كورونا «كوفيد - 19» والأمراض الوبائية الأخرى لكي لا نخسر المنجزات والمكتسبات الكبرى التي حققناها من خلال الجهود الكبيرة التي بُذلت على كل الصعد، ولنحافظ على صحتنا وعافيتنا الفردية والأسرية والاجتماعية؛ لأنها من أعظم النعم التي منّ الله بها على البشرية، حيث أنه بنعمة الصحة والعافية يزاول الإنسان أعماله الدينية والدنيوية في كل المجالات والأبعاد بقدرةٍ وكفاءةٍ، ومن دونها تتوقف حركة الإنسان وينعدم إحساسه بلذة الحياة ونعيمها، لذلك وردت الأحاديث عن النبي وأهل بيته الأطهار في بيان أهمية الصحة والعافية وضرورة المحافظة عليها بكل الوسائل والآليات الممكنة، فلقد ورد عن رسول الله ﷺ «خِصلَتَانِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مَفْتُونٌ فِيهُمَا الصِّحَةُ وَالفَرَاغُ» وورد عن الإمام علي «الصِّحَةُ أَفْضَلُ النِّعَمِ» وعنه «العافية أهنى النعم» وعنه «لَا لِبَاسَ أَجْمَلُ مِنْ العَافِيَة» وبنعمة العافية يحصل الإنسان على الكثير من الفوائد والثمرات العظيمة التي تتجلى في حياته، وتحقق له السعادة والرفاهية كإحساسه بكمال لذة الحياة، ونعيمها، وهنائها، والتلذذ بطيباتها وملذاتها المحللة، يقول أمير المؤمنين «بِالصِّحَةِ تُسْتَكمَلُ اللِّذَّةُ» وورد عنه «بِصِحَةِ المزَاجِ تُوجَدُ لِذَةُ الطَّعْمُ» وورد عنه «بِالعَافِيةِ تُوجَدُ لِذَةُ الحَياة» ولو تتبعنا الأحاديث في هذه النعمة لوجدناها كالوابل الهطول من مزن السماء، أو كالسيل الجارف النازل من قُلل الجبال الراسيات لكثرتها وتعددها، فلا هناء، ولا سعادة، ولا لذة، ولا نماء، ولا تطور في كل مناحي الحياة إلا بالصحة والعافية وتمامها ودوامها، وإنّ التوقي من كافة الأمراض الوبائية المعدية والتحرّز من الإصابة بها كفيروس كورونا وغيره من الأمراض المعدية أفضل وسيلةٍ لمواجهته والقضاء عليه، وقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين قوله: «لَا وِقَايَةَ أَمْنَعُ مِنَ السَّلَامَةِ» فدرهم وقايةٍ خيرٌ من قنطار علاج.
لذلك سوف نسلّط الضوء على مجموعةٍ من الأسس والمقومات التي تُشكّل منهج أهل البيت في التعامل مع مرض كورونا والأوبئة المعدية، والتي إذا ما أخذنا بها وطبقناها أوصلتنا إلى مرفأ النجاة، وساحة السلامة وهي على قسمين:
1. الاهتمام بالطهارة والنظافة العامة
فقد أكد التشريع الإسلامي على الاهتمام بالنظافة والطهارة في كل شيء على مستوى الكتاب المجيد والسنة المطهرة، قال تعالى: ﴿وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ والرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا واللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾، وورد عن رسول اللَّهِ ﷺ: «إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظيفٌ يُحِبُّ النَّظافَةَ»، وعنه ﷺ قال: «تَنَظَّفوا بكُلِّ ما استَطَعتُم؛ فإنَّ اللَّهَ تعالى بَنَى الإسلامَ علَى النَّظافَةِ، ولَن يَدخُلَ الجَنَّةَ إلّا كُلُّ نَظيفٍ»، وقال الإمامُ عليٌّ : «تَنَظّفوا بالماءِ مِن النَّتنِ الرِّيحِ الّذي يُتأذّى بِهِ، تَعَهَّدوا أنفُسَكُم؛ فإنّ اللَّهَ عزَّ وَجلّ يُبغِضُ مِن عِبادِهِ القاذُورَةَ الّذي يَتأنَّفُ بهِ مَن جَلَسَ إليه».
لذلك نجد الدين الحنيف أكّد على النظافة والطهارة في الكثير من التشريعات في كل حياة الإنسان اليومية في الحالات الطبيعية فضلًا عن الحالات الاضطرارية، فأوصانا بالغسل والوضوء الواجب والمستحب وغسل اليدين قبل الأكل وبعده، فقد ورد عن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أنه قال: «غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ زِيَادَةٌ فِي الرِّزْقِ وَإِمَاطَةٌ لِلْغَمَرِ عَنِ الثِّيَابِ وَيَجْلُو الْبَصَرَ» وعنه قال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْثُرَ خَيْرُ بَيْتِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ الْأَكْلِ» وقال الإمام الصادق: «مَنْ غَسَلَ يَدَهُ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ بُورِكَ لَهُ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَعَاشَ مَا عَاشَ فِي سَعَةٍ، وَعُوفِيَ مِنْ بَلْوَى فِي جَسَدِهِ» وعنه قال: «اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ قَبْلَ الطَّعَامِ وبَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَنْفِي الْفَقْرَ وَيَزِيدُ فِي الْعُمُرِ».
وعليه ينبغي علينا في جائحة وباء كورونا وجميع الأمراض الوبائية التي يُمكن أن تصيب البشرية أن نطبّق أعلى معايير النظافة التي أوصى بها الدين الحنيف، ونلتزم بالتوجيهات التي صدرت للناس من الجهات الصحية.
2. تجنب أماكن الوباء
فلقد ورد عن رسول الله ﷺ «إذَا سَمِعْتُمْ بِالطَاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأنْتُمْ بِها فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا»، والطاعون الذي يُمثّل مرضًا من الأمراض الوبائية ذُكر في الحديث الشريف كمصداقٍ لمفهومٍ عام يتمثل في كل وباءٍ معدي ومن جملتها وباء كورونا، والذي نستفيده من هذا الحديث وجوب الابتعاد عن الأماكن الموبوءة حتى لا نصاب بهذه الأمراض ونعرّض أنفسنا للضرر، ونكون عاملًا لنقل المرض إلى غيرنا، وبهذا أوصت الجهات الصحية. ونستفيد أيضًا من هذا الحديث أمر النبي في تطبيق الحجر الصحي على الفرد أو المجتمع المصاب.
3. حُرمة تعريض الآخرين للخطر
قال رسول الله ﷺ «لَا يُورِدنّ مُمْرِضٍ على مُصِح»، فالنبي الأكرم ﷺ يأمر المرضى المصابين بالأمراض الوبائية بتحمّل مسؤوليتهم اتجاه المجتمع بكل فئاته وشرائحه وعدم تعريضه للمرض الوبائي المعدي الذي ينتقل من الإنسان للآخرين على الخصوص دون غيره من الأمراض وللوقاية من الفيروسات المعدية مثل كورونا والنأي بالنفس عن مخالطة المصاب والمشتبه بإصابته بالفيروس للأصحاء وعدم جواز حضور المصاب بالوباء المعدي للمجالس العامة كالمساجد والحسينيات والأسواق والمجمعات والنوادي الرياضية وغيرها من الأماكن المختلفة.
4. ادخلوا مساكنكم
قال تعالى: ﴿قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ﴾ قصَّ الله جلّ وعلا لنا حكاية نملة النبي سليمان أنها أمرت مجتمع النمل بالدخول إلى مساكنهم، والذي نستنبطه من كلام الله وجوب التواصي الاجتماعي بضرورة اللجوء إلى المساكن والالتزام بالبقاء في البيوت والابتعاد عن أماكن الاختلاط وعدم الخروج إلا لقضاء الحوائج الضرورية التي تتطلبها الحياة حتى نقي أنفسنا ومجتمعنا الإصابة بهذا الوباء التي يتربص بنا الدوائر ويبغي هلاكنا.
5. استشعار خطورة المرض
قال تعالى: ﴿لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وجُنُودُهُ وَهُم لا يَشْعُرُونَ﴾ فإذا كانت نملة النبي سليمان العاقلة الحكيمة استشعرت مكامن الخطر المتمثلة في جيش النبي سليمان الذي ملأ وادي النمل، فأمرتهم بالابتعاد عن مواطن الخطر المحدق بهم؛ لذلك يتوجب علينا كبشرٍ عقلاء أن نستشعر خطورة جائحة كورونا، وألا نستخف بها مع الرفع التدريجي للحظر، ورجوعنا رويدًا رويدًا إلى الحياة الطبيعية العادية.
6. التوازن بين الحذر من الوباء والحاجة إلى توفير المعاش
فلقد دعا الإسلام إلى التوازن في كل شيء فلا إفراط ولا تفريط ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضِ﴾.
7. التغذية الصحية النافعة
قال تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾، فالغذاء الصحي المتكامل من أهم الأسباب التي تجعل الجسم قويًا وقادرًا على أداء دوره، وهنالك مجموعة من الأغذية التي تقوّي الجسم وترفع مناعته أمام الأمراض والأوبئة كالعسل والخضروات والفواكه وغيرها، وعلينا الرجوع إلى المختصين في علم التغذية للاستفادة من توجيهاتهم وبرامجهم.
قال تعالى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ كثيرًا ما يعتني الإنسان بتحصيل الأسباب والموجبات المادية، ويغفل عن السعي لتحصيل الأسباب المعنوية والروحية، وهي أهم من الأولى. ومن جملة هذه الأسباب التي تقينا وتخلّصنا من الشرور والأمراض والآفات المعدية كوباء كورونا وغيره من الأوبئة ما يلي:
1. الاتصال بالله جلّ وعلا، والتضرع إليه والدعاء
لأن الله تعالى هو الذي بيده الأسباب كلها، إذ يقول في كتابه الكريم ﴿قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ﴾، ويقول تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ ولنا في قصص الأنبياء التي وردت في القرآن الكريم أكبر عبرةٍ، ونذكر شاهدًا ومصداقًا على سبيل المثال لا الحصر قصة النبي أيوب ﴿وأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وآتَيْناهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وذِكْرى لِلْعابِدِينَ﴾، فهذا النبي العظيم أيوب تسلّح بسلاح الدعاء فدعا الله جلّ وعلا أن يعافيه من المرض الذي أصيب به فاستجاب الله دعاءه، ولذلك ينبغي علينا أن نلحّ على الله بالدعاء لكي يشفينا ويقينا من هذا المرض، ومن غيره من الأمراض والأوبئة، ونسأله الصحة والعافية فقد ورد عن رسول الله ﷺ: «ما سُئلَ اللَّهُ شَيئاً أحَبَّ إلَيهِ مِن أن يُسألَ العافِيَةَ»، ولَمّا سَمِعَ رسولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا يَسألُ اللَّهَ الصَّبرَ. قال: «سَألتَ اللَّهَ البَلاءَ، فَاسألْهُ المُعافاةَ».
وروي أن الإمام زينَ العابدين - لَمّا ضَرَبَ عَلى كَتِفِ رَجُلٍ يَطوفُ بِالكَعبَةِ ويَقولُ: اللَّهُمَّ إنّي أسألُكَ الصَّبرَ - قال: «سَألتَ البَلاءَ! قُلِ: اللَّهُمَّ إنّي أسألُكَ العافِيَةَ، والشُّكرَ عَلَى العافِيَةِ». وروي عن زُرارَة عَن أبي جَعفَرٍ، قال: قالَ لي: ألَا أدُلُّكَ عَلى شَيءٍ لَم يَسْتَثنِ فيهِ رَسولُ اللَّهِ ﷺ؟ قُلتُ: بَلى، قالَ: «الدُّعاءُ؛ يَرُدُّ القَضاءَ وَقَد ابرِمَ إبراماً - وَضَمَّ أصابِعَهُ -» وقال الإمامُ زينُ العابدينَ: «الدُّعاءُ يَدفَعُ البَلاءَ النّازِلَ وَما لَم يَنزِلْ»، وقال الإمام الصادق: «عَلَيكَ بِالدُّعاءِ، فإنَّ فيهِ شِفاءً مِن كُلِّ داءٍ».
2. الصدقة لدفع البلاء
فالصدقة من أهمّ الأسباب الغيبية لجلب كل خيرٍ ودفع كل سوءٍ ومرض عن أنفسنا وعوائلنا ومجتمعنا، لذلك يجب علينا المواظبة على الصدقة ليلًا ونهارًا ولو بالقليل، فلقد ورد التأكيد على الصدقة في العديد من الروايات فعن أبي جعفر عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين قال: قال رسول الله صلّى عليه وآله وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة» وعنه ﷺ: «الصَّدَقةُ تَدفَعُ البَلاءَ، وهِي أنجَحُ دَواءٍ، وتَدفَعُ القَضاءَ وقد اُبرِمَ إبراماً، ولا يَذهَبُ بالأدواءِ إلّا الدعاءُ والصَّدَقةُ»، وعنه ﷺ قال: «إنَّ اللَّهَ لا إلهَ إلّا هُو لَيَدفَعُ بِالصَّدَقَةِ الدّاءَ، والدُّبَيْلَةَ، والحَرَقَ، والغَرَقَ، والهَدمَ، والجُنونَ - فَعَدَّ ﷺ سَبعينَ باباً مِنَ الشَّرِّ -»، وعنه ﷺ قال: «تَصَدَّقُوا وداوُوا مَرضاكُم بالصَّدَقَةِ؛ فإنَّ الصَّدَقةَ تَدفَعُ عنِ الأعراضِ والأمراضِ، وهِيَ زيادَةٌ في أعمارِكُم وحَسَناتِكُم»، وقال الإمامُ عليٌّ: «الصَّدَقةُ دَواءٌ مُنجِحٌ»، وعنه قال: «الصدقة تدفع البلاء المبرم، فداووا مرضاكم بالصدقة» وعنه قال: «الصدقة تدفع ميتة السوء عن صاحبها»، وقال الإمامُ الكاظمُ - لَمّا شَكا إلَيهِ رجُلٌ في كَثرَةٍ مِنَ العِيالِ كُلِّهِم مَرضى -: «داوُوهُم بِالصَّدَقةِ، فَلَيسَ شَيءٌ أسرَعَ إجابَةً مِنَ الصَّدَقةِ، ولا أجدى مَنفَعةً على المَرِيضِ مِنَ الصَّدَقةِ».
3. التوبة النصوح
وإنّ التوبة النصوح وترك الذنوب والمحرمات المعاصي التي تجلب الشرور والوباء والأمراض من أهم أسباب الصحة والعافية، فقد روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لم تَظهَرِ الفاحِشَةُ في قَومٍ قَطُّ حتّى يُعلِنُوا بها إلّا فَشا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُن مَضَت في أسلافِهِم الذينَ مَضَوا» فظهور المعاصي وارتكاب الموبقات يؤدي إلى شيوع الأمراض والأوبئة الجديدة التي لم تكن معروفة، وإنّ التوبة الصادقة النصوح هي من موجبات سعادة المرء والمجتمع وصحته وعافيته.
وإذا ما تمسكنا بهذا النهج الإسلامي الأمثل في التعاطي مع هذا الوباء وصلنا إلى بر الأمن والأمان، رزقنا الله وإياكم العفو والعافية.
4. التوسل بالنبي وأهل بيته
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ فقد تعرّض صاحب كتاب جنّتان مدهامتان الشيخ علي أكبر النهاوندي رضوان الله عليه أنّ السيد ابن طاؤوس رضوان الله عليه ذكر في كتابه السعادات أنّ جماعة من الشيعة حضروا عند أبي عبد الله الصادق صلوات الله عليه فذكر كلّ واحد منهم ما حدث من الوباء، فقال صلوات الله عليه: «إذا كان كذلك فليصلّ أحدكم على فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله أربع وثلاثين مرّة، وعلى أمّها - خديجة صلوات الله عليها - كذلك - أي 34 مرّة - وعلى فاطمة بنت أسد أمّ عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم كذلك - أي 34 مرّة - ويأخذ المشط يسرّح لحيته من فوق إلى أسفل، ومن أسفل إلى فوق، ويقرأ - سورة - القدر، ويُمِرّ المشط على رأسه، ولحيته، وجانبيه، وصدره، ويقول: اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعافنا من البلاء كلّه ثم يقول: اللهم إنّ رسولك الصادق الأمين صلّى الله عليه وآله قال: إنّك قلت: ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته، اللّهمّ فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل لوليّك الفرج والعافية، والنصر والتمكين، ولا تَسُؤْني في نفسي، ولا في أحد من أحبّتي - وإن شِئتَ سَمّهِم بأسمائهم - وصلّ الله على محمّد وآل محمّد»، ومَن داوم على ذلك - أي يفعل هذا مرّة في كلّ يوم - عاش حتّى يملّ من الحياة.