حتى لا تكون فتنة
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾
شهدنا في الآونة الأخيرة هجمةً إعلاميةً كان الغرض منها النيل من الدين الحنيف والقيم الإسلامية الغرّاء والرموز الدينية المخلصة والمثقفين الغيارى أصحاب الفكر الصافي الأصيل والجماهير المؤمنة المتدينة، وكل ما يمت للدين بصلةٍ من قريب أو بعيد من قِبل حملة الفكر المغترب الدخيل على منظومة ثقافتنا الدينية والأخلاقية الأصيلة.
ولم يكن هذا النزال من خلال المنهج الأخلاقي الحضاري الذي يتم عبر مقارعة الفكر بالفكر، والرأي بالرأي الآخر، وعبر الحوار العلمي الموضوعي واستعراض كل فريقٍ ما عنده من أدلةٍ وبراهين ومن خلال الجدال المنطقي الحسن الذي أُمرنا به في قوله جلّ وعلا ﴿ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.
بل إنّ أصحاب الفكر المغترب جرّدوا حرابهم، ورفعوا شعاراتهم، وسنّوا أقلامهم، وعبّؤوا محابرهم، وجنّدوا أدواتهم من خلال المقالات والمنتديات والعالم الافتراضي بكل أشكاله، وعبر استخدام كل الوسائل الملتوية من شتمٍ وسبابٍ واتهامٍ وسخريةٍ واستهجانٍ وتسقيطٍ وتمزيقٍ وتشتيتٍ وتقسيمٍ لفئات المجتمع.
وكان آخرها محاولتهم البائسة لصبّ الزيت على النار والتصيّد في الماء العكر وإشعال نار الحريق بين المجتمع الموالي لأهل البيت ورموزه من المراجع العظام وعلماء الدين الأخيار في محاولةٍ منهم لاستغلال موضوع الاختلاف في تثبيت الهلال، مع أن هذا الاختلاف من الناحية الشرعية والعقلية والكونية أمرٌ طبيعي وفق القواعد المنطقية، جارٍ في كل علمٍ من العلوم لاختلاف المباني والنظريات العلمية والرأي والرأي الآخر.
وبذلك أصبح مروّجوا هذا الفكر مصداقًا جليًّا كالشمس في رابعة النهار لقوله تعالى ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ «10» وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ «11» أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ «12» وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ﴾.
غير أنهم ولله الحمد والمنة لم يُفلحوا في حربهم الإعلامية الرخيصة ومحاولاتهم المستميتة، والسبب في فشلهم يرجع إلى عدة أمور في طليعتها شدة ارتباط مجتمعنا المؤمن بدينه، ودفاعه عن قيمه الأخلاقية السامية، وترابطه المتين مع رموزه الدينية المتمثلة في أهل البيت ، ومرجعيته الرشيدة بكل أطيافها، وعلمائه الأخيار الذين نذروا أنفسهم لخدمة هذا المجتمع، ومثقفيه الغيارى على دينهم ووطنهم وأبناء جلدتهم أصحاب الفكر الأصيل الذين دافعوا في كل موقف بكل الوسائل الراقية عن هذا الكيان الإيماني العتيد.
لذلك ينبغي علينا التصدّي لهذا الفكر الذي يبغي حمَلتهُ تصدّع المجتمع، ومسخ القيم، ومحق الدين حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.