أزمة تلد فكرا
كثير من الأزمات التي تحصل تولد من بعدها حلول وعلاجات لكثير من المشاكل المتعلقة سواء بين الأفراد أو الجماعات. ففي كل أزمة تصفى النفوس وتهدأ، بل تساعد أي إنسان مختلف مع آخر التقرب إليه من خلال الأزمة الحاصلة. كما إن المختلف يحاول جاهدا في تقديم أي مساعدة ليوصل رسالة للأخر، بأن النوايا عفيفة خالصة لا شوائب فيها من الماضي. وفي المقابل يتقبل الآخر وبذلك تصبح النفوس متصافية لا كدر يعكر صفوها، وتطوى بذلك الصفحات المتصدعة.
هناك عوائل كثيرة نشبت بينها حروب نفسية، وقطيعة تدوم لسنوات طويلة مع ذلك وفي أزمة ما، يتجاوز الجميع كل المشاكل في مواجهة تلك الأزمة. والجميع منهم يسهم في علاجها وتبنى الثقة بينهم من جديد.
يحدث هذا على مستوى الأفراد أو الجماعات على حد سواء. بل يمكن القول هذا حال البشر جميعهم يكون بينهم مثل هذا الأسلوب. لكن لو تتم المراجعة والتفكير فيما يحصل نستطيع أن نصل إلى نتيجة هدر في الأوقات وإشغال الأنفس على أمور لا تعود علينا بالفائدة.
إن الكوارث والأزمات تخلق حالة من التحولات، إما على صعيد النفوس التي تتغير بتغير الحال الذي واقع عليها جراء الكارثة التي حدثت، أو على صعيد الابتكارات الحديثة التي تلد من رحم تلك الأزمة يقول الكاتب السعودي الدكتور توفيق السيف في أحد مقالته بصحيفة الشرق الأوسط الذي عنونه بالفرج بعد شدة ”لو راجعت أبرز التحولات التي مَرَّ بها العالم على صعيد الاقتصاد والصحة والعلوم، لوجدت أن معظمها جاء بعد كوارث مخيفة. كمثال على هذا، فإن النصف الأول من القرن العشرين، شهد ظهور النماذج الأولية والمعادلات الأساسية، لمعظم الأجهزة التي نستعملها اليوم، وكذلك الأدوية التي نتعالج بها، والقواعد العلمية التي نعتمدها في شتى أبعاد حياتنا. في العموم فإن ما أنجزه العالم في هذه الحقبة، تجاوزت ما حققه خلال القرون الأربعة السابقة جميعاً“
لذلك وجود مثل هذه الأزمات هي بمثابة محطات توقف وإعادة التفكير لممارسة الإبداعات الجديدة، وتجاوز كثير من الممارسات التي لا معنى لها كحالة الطائفية بين الأديان المختلفة، وكذلك أنواع العنف المنتشرة بين الناس، لأن تلك الممارسات لا معنى لها ولا جدوى، لابد أننا نعيش حياة سعيدة صافية لا كدر فيها بعد هذه الجائحة. لنتعدى الخلافات ونبني للمستقبل الذي يفيد أجيالنا، نطوي الماضي بما فيه، ونتضامن لحل كل الخلافات ونشيد الأوطان، ويصبح همنا الوحيد هو الإنسان.