الفنان القصبي ومخرجه السابع
للفن دور مهم في وقتنا الراهن لمعالجة كثير من المشاكل المختلفة في جميع الأصعد على اختلاف أنواعها وشتى مشاربها. فقد تعرض حلقة واحدة من مسلسل لمدة نصف ساعة تختصر لك الطريق لطرح المشكلة ومناقشتها وتقديم الحلول لها في مقابل كتب كثيرة ومحاضرات تلقى قد لا توصل حلا بكفاءة تلك الحلقة.
لذلك على كاتب السيناريو أو الممثل دور كبير في إيصال الرسالة المراد طرحها للناس، بالإضافة إلى ذلك فإن عليه مسؤولية ما يطرحه على شاشة التلفاز، اخذا بعين الاعتبار بأن التلفزيون تجتمع أمامه الفئات العمرية والأجناس المختلفة، التي قد تصل لهم رسالة سلبية، وقد تصلهم رسالة إيجابية تستقر في عقولهم لترتقي به وتفتح لهم آفاقا تنير لهم طريقهم.
من الملاحظ في ظل القنوات الفضائية، أن المال هو المتسيد على الفن والنص الكتابي، لأن هناك المعادلة هي أنه كلما جلب المسلسل جمهورا أكثر، ازداد الدخل المالي الذي يعود بالمنفعة المادية للجميع، فالمشاهد صلح وضعه او انتكس لا يهم كثيرا، لذلك ليس هناك اهتمام حقيقي بما يطرح، المهم هو شهرة الفنان خصوصا في ظل أدوات الاتصال الاجتماعي المختلفة، التي صار التسليط فيها على من له متابعين أكثر حتى وإن كان أسلوبه في الفن هابطا.
لا أقول ذلك من نظرة سوداوية صرفة، لكن الأغلب الأعم في موضوع التمثيل هو مادي، خصوصا من كان يمتهن التمثيل كمصدر دخله الوحيد، مع أن هناك فنانون لهم تاريخهم وشهرتهم ولا يهمهم الدخل المادي في مقابل النص الذي يليق بتاريخهم وبسمعتهم الفنية، لذلك فإنهم يشترطون بأن يكون النص ملائما لهم، في مقابل الأجرة التي يستحقونها. كما هو حاصل لكثير من الفنانين الذين اختفوا عن المشهد التمثيلي على هذا الأساس، لأنهم يحترمون الفن وما يعرض فيه، من نصوص ملائمة لإحساسهم بالمسؤولية أمام المشاهد.
في هذا العام أطل علينا الفنان الشهير الأستاذ ناصر القصبي، الذي له شهرته على مستوى العالم العربي، وهو يستحقها بكل جدارة لما قدم لنا خلال الأعوام السابقة، معالجا كثيرا من المشاكل الحساسة المجتمعية منها والسياسية.
القصبي أطل علينا بمسلسل مخرج 7، من تأليف الكاتب خلف الحربي وإخراج أوس الشرقي، مع مجموعة من الفنانين السعوديين، قد طرح خلال عشرين حلقة، بعض المواضيع الاجتماعية التي لها ما لها من المدح، وعليها كثير من النقد، لا أريد أن أتعرض للمواضيع وما عليها فقد كتب عنها الكثير نقدا ومدحا،
خلال العقدين المنصرمين كان للقصبي ورفيقه السدحان حضورا لافتا، على مستوى العالم العربي من خلال طاش وبعده كان القصبي في سلفي وأخيرا مسلسل العاصوف التاريخي، لذلك ارتبط موسم رمضان بالقصبي لما ينتظرون منه من طرح ومعالجة للمشاكل الاجتماعية بطريقة كوميدية، فيها إثارة ومتعة وفائدة، لكن مع الأسف في هذا المسلسل لم يكن بالمستوى المطلوب، لا من حيث النص ولا الإخراج، قد يكونون معذورين في الإخراج لأن أزمة كورونا قد منعت عليهم الاستمرار، لكن النص والأداء مع الأسف مستواه نازل جدا، لا يليق بالفنان ناصر القصبي وما طرحه من خلال النص.
لو أن القصبي توقف في هذا العام عن العرض، خيراً له من هذا الأداء والنص الذي لا يليق بتاريخه الطويل، فقد أرسل من خلال هذا المسلسل رسائل ودعوات سلبية، كأنما صار فرعون بدلا من أن يكون عون للناس جميعا.
خلاصة القول أن الفن مسؤولية ورسالة ضرورية، لابد أخذ الحيطة فيما يطرح من خلاله، لكي تستقر الأفكار في عقول الناس، وتساعد في علاج كثير من مشاكلهم، والمهم في التمثيل المعالجة والتحليل وليس الكسب منها.