دور رب الأسرة في أزمة كورونا
لا زالت أزمة الفيروس التاجي «كوفيد - 19» لم ترخي بظلالها القاتم على المجتمع حيث معظم الأمور المعيشية والصحية متوفرة بنسب متفاوتة من دولة الى أخرى.
والسؤال: لو زادت الأزمة سوءا - لا سمح الله - من الناحية المعيشية، والتي قد تصل إلى المجاعة المميتة، او التدهور الصحي الحرج، الذي قد يؤدي الى الوفاة، فما هي الأدوار المناطة برب الأسرة وبقية أفرادها في هذه الحالة؟
والسؤال المهم: كيف تتهيأ الأسرة لمثل هذا المستقبل المجهول؟
نمر الآن بمرحلة تحول كبيرة حيث دول العالم بدأت في التخفيف من إجراءات الحجر الصحي والعودة التدريجية لممارسة الحياة اليومية العادية ولتحريك عجلة الاقتصاد من جديد.
ومن الغريب أن عملية التخفيف هذه احدثت شعورًا كاذبًا عند البعض وكأن فيروس كرونا قد اختفى من الوجود وإن الخطر قد انتهى، للأسف، لابد أن ندرك بأن خطر الإصابة بالفيروس ما زال قائما، ولذلك من الضروري جدا ألا نلقي بسلاح الحيطة والحذر جانبًا وعلينا التقيد بتعليمات التباعد الاجتماعي.
كثير من التوقعات السيئة لجائحة كرونا مثل عدم توفر المواد الغذائية الكافية والنقص في الاحتياجات المنزلية الأخرى من أرفف ومحلات البقالة لم تحدث في كثير من البلدان وذلك يعود لوعي الجهات المسؤولة بأن ذلك قد يحدث فوضى اجتماعية ولربما تلجيء الناس إلى استعمال العنف للحصول على ماتحتاجه من هذه المواد.
في العدد الصادر من صحيفة نيويورك تايمز يوم السبت 8 مايو 2020، وصفت الكاتبة سايوباهان روبرتز في مقالها المعنون ”هذا هو مستقبل الجائحة“، ثلاث سيناريوهات محتملة ذكرت في دراستين للدكتور ليسبچ وزميله الباحثين في مركز البحوث للأمراض والأوبئة في جامعة منسوتا:
السيناريو الأول: حدوث موجة أولية «وهي الموجة الحالية التي نمر بها» تصاحبها حالات مستمرة بين الارتفاع والانخفاض في عدد الإصابات بالفيروس وهذه الموجه ستبدأ بالانخفاض تدريجيا خلال فترة زمنية تترواح بين سنة إلى سنتين.
السيناريو الثاني: من المحتمل أن تعقب الموجه الحالية موجة أخرى أكبر وأشد منها في بداية الخريف او الشتاء القادم حيث التوقعات تشير الى هجمة عنيفة وخاصة بأنها ستكون متزامنة مع إنتشار الإنفلونزا الموسمية، وهذه الموجة ستعقبها موجات أخرى صغيرة تشابه ما حصل في جائحة عام 1918 - 1919.
السيناريو الثالث: وصول الجائحة الى ذروتها في فصل الربيع الحالي وتخف حدتها ببطئ مع حصول ارتفاع وهبوط في الأثناء ولكن ليس بشكل عال او حاد.
ويذهب الباحثان في التحذير بأنه بغض النظر عن أي سيناريو يحصل، يجب علينا أن نكون مستعدين لمواجهة 18 الى 24 شهرا من نشاط كوفيد - 19 وفي مناطق مختلفة من العالم.
وفي الدراستين التي نشرها الباحثان رسوم بيانية توقعية مبنية على معلومات ومعطيات حالية وعمليات ونماذج رياضية بعدد الإصابات والوفيات وكل جدول مبني على عامل مهم وهو: الالتزام او عدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي.
إضافة إلى سلوك الأفراد، لم يغفل الباحثان من الإشارة إلى أهمية العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إرتفاع او إنخفاض الإصابات والوفيات المتوقعة.
يتبين مما ذكر، أن الجائحة لا زالت لم تلق بظلالها القاتم على المجتمع والعالم.
ألخص دور رب الأسرة في عدة نقاط:
1 - أن يشارك بالمعلومات الموثوقة عن توقعات الباحثين عن مستقبل كورونا لكي لا يسقط أفراد العائلة ضحايا للمعلومات الكاذبة بأن الجائحة اوشكت على الانتهاء. الوعي بذلك يجعل أفراد الأسرة على حذر.
2 - التأكيد على تعاليم الصحة والتباعد الاجتماعي والالتزام بها.
3 - الاستعداد الذهني والنفسي لفترات ارتفاع وانخفاض حالات الإصابة بالفيروس التاجي وبأن هذا متوقع فالحذر يبقى الأساس في معادلة الوقاية من الإصابة.
4 - الاستمرار في التكيف مع الظروف والتغير في الحياة اليومية وضرورة التعاطف والتآزر بين أفراد العائلة
5 - ترشيد الاستهلاك الغذائي في حال حدوث شُح في بعض المواد الغذائية الاساسية. مثلا هنا في أمريكا، بدأنا نرى ندرة في اللحوم المعروضة للبيع وذلك يعود الى اغلاق كثير من المسالخ، وهناك تقارير عن الأضرار الاقتصادية التي يتكبدها المزارعون وخاصة في كمية العلف اليومي الذي تستهلكه قطعان المواشي وايضاً الغذاء الذي يستهلك في حضائر الدواجن والطيور الأخرى.
على أفراد الأسرة إتباع ارشادات وتوجيه عوائلهم الصحية وعدم التساهل في الالتزام بتوجيهات الجهات الرسمية من تباعد إجتماعي وعدم تجمهر وإلى غير ذلك. وذكرنا في بعض الأجوبة السابقة بعض الاقتراحات لاستثمار الوقت واستغلاله فيما يغذي العقل والقلب والروح والجسد من ترفيه ومن القيام بنشاطات فردية وجماعية كأسرة بشكل يومي حتى يصبح الروتين الجديد هو النمط الطبيعي الجديد.
أنا أميل الى مشاركة المعلومات الموثوقة من أجل زيادة الوعي والأخذ بأسباب التدابير الاحترازية والتي تجعل الأطفال أكثر تقبلًا والتزامًا بها حينما يعرفون لماذا يجب أن يقوموا بذلك.
وفي نفس الوقت، يجب عدم التهويل والذي قد يؤدي - ومن غير قصد - الى اثارة مشاعر الخوف والقلق بلا داع والذي له مضاعفاته وتداعياته على الجسم والنفس معا. وذكرنا بشيء من التفصيل في الجواب على أول سؤال عن مسببات وأعراض الخوف عند الأطفال وطرق التجنب والتعامل معه.