الرياضة والإحماء في شهر الصيام
الرياضات التي يمارسها الإنسان في حياته مختلفة منها على سبيل الحصر الرياضة البدنية والروحية وكلاهما يحتاجان إلى مقدمة مهمة حتى يحصل المتريض على مراده.
فالرياضة هي مجهود جسدي عادي أو مهارة تُمَارَس بموجب قواعد مُتفق عليها بهدف الترفيه أو المنافَسة أو المُتعة أو التميز أو تطوير المهارات أو تقوية الثقة بالنفس أو الجسد، واختلاف الأهداف من حيث اجتماعها أو انفرادها.
والإحماء قبل ممارسة التمارين الرياضية من شأنه أن يزيد درجة حرارة العضلات، حتى يسمح للعضلات بالتقلّص، أو التمدد والاسترخاء بسرعةٍ أكبر مقارنة بالعضلات الأخرى؛ ممّا يحدّ من خطر الإصابة بالإجهاد العضليّ أو الشد العضليّ، وعموماً فإنّ الإحماء يرفع حرارة الجسم الكلية أيضًا، ممّا يُحسّن من مرونة العضلات، ويعزّز بعض عناصر اللياقة البدنية كالسرعة والقوة.
وهو قبل ممارسة التمارين الرياضية يُعزّز عنصرًا آخرًا من عناصر اللياقة البدنية لتحصل القدرة على التحمل، ويحدّ من خطر وقوع الإصابات الرياضية.
ولا يقتصر ذلك على الرياضات البدنية فالرياضات الروحية تحتاج إلى الإحماء، خصوصا ما يرتبط ببعض الليالي والأيام والأشهر أو كما تشاء أن تعبر بالمواسم الروحية.
فالرياضات الروحية: هي الأعمال الواجبة أو المستحبة التي من خلالها يحصل الانسان على رضا الله ويقضي له الله حوائجه الدنيوية والأخروية؛ وهي كثيرة لا يمكن حصرها في مقال صغير هنا ومنها وأهمها الصلاة اليومية ومنها الأذكار والادعية.
وها نحن على مشارف ليلة القدر فهل يمكن أن نصلها بدون إحماء أو تهيؤ؟، فما الطرق والوسائل التي تعيننا للوصول لتلك الليلة ولا نصاب بالإصابات الرياضية؟
إن المشكلة تكمن في أننا نريد أن نتغير في ليلة واحدة!.. فالأمر ليس بهذه البساطة؟!
فليلة القدر هي بمثابة محطة تقوية للتيار الكهربائي،.. وهنيئاً!.. لمن كان قد أعد نفسه قبل أشهر.
ومن هنا، فإن أجلّ الأعمال في ليلة القدر أن نلتفت إلى ذلك القلب، وإلى تلك الجهة التي تتلقى هذه المقدرات إلى سنة كاملة: سعادةً، وشقاءٍ.. ألا وهو ذلك القلب الذي يحمل آلام الأمة، ذلك الإمام المنسي!..
وعلينا أن نعتمد في ليلة القدر الكيف لا الكم!.. فمن الممكن أن تُحيي ليلة القدر من الغروب إلى مطلع الفجر، ولكن لم تذرف ولا دمعة واحدة، ما قيمة هذا الإحياء؟!.. «ركعتان مقتصدتان بتفكر، خير من قيام ليلة والقلب لاه».. فلا نعيش الدعاء وقراء القرآن إرغاماً فبالتدريب والتدرج نستذوق - دعاء الجوشن -؟!؛ لأنه بالنسبة لأولياء الله من محطات الأنس في شهر رمضان، يوزعونه على ليالي شهرمضان، يقرؤون في كل ليلة شطراً منه.. حتى لا يصبح الدعاء لا روح فيه.. وحتى لا نصل ليالي القدر، كأننا في امتحان آخر العام!.. من القلق والوجل لما سيحصل!.. ماذا سنقدم في هذه الليالي؟..
1. طهارة القلب: مما علق به من غل وحقد وبغضاء تجاه المؤمنين، ومع تخلية القلوب من أمراضها احرص على تحليتها بالعبادة، وتذكَّر قانون التعويض الإلهي: ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ﴾.
2. الإكثار من الدعاء كل ليلة: بأن يبلِّغنا الله ليلة القدر، وأن يعطينا فيها أفضل ما أعطى عباده الصالحين من خيري الدنيا والآخرة.
3. اتق المحارم تكن أعبد الناس: لنحذر الأيام المقبلة من سيئات اللسان من غيبة ونميمة وسبٍّ لساني أو بذائة، وكذا سيئات البصر.
4. تجديد التوبة: فلا ننتظر ليلة القدر نتُب الآن وعلى الفور من أي كبيرة وقعنا فيها، ولنتخلَّص من الصغائر بالقيام بإحصائها ومحاصرتها والإقلاع عنها قبل ليالي القدر.
5. التدرَّب على ليلة القدر كل ليلة: ففي كل ليلة من ليالينا لنداوم على الأدعية والصلوات الواردة، في كتب الأدعية وإظهار الاستعداد العملي أن تكون فيها بأحسن حال.
فقد ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا : «ليلة القدر يقدر اللَّه عز وجل فيها ما يكون من السنة إلى السنة، من حياة أو موت أو خير أو شر أو رزق».
فليلة القدر إذاً ليلة التقدير الإلهي، لما يجري على الناس في سنتهم القادمة، وليلة القرارات الإلهية الكبيرة، فلتكن هذه الليلة ليلة القرارات الحاسمة عند الإنسان.
- الدعاء وطلب التوفيق من الله سبحانه وتعالى لقيام ليلة القدر.
- الدعاء لصاحب العصر والزمان «عجل الله فرجه الشريف» في أن نكون من اللذين يدع لهم إمامهم بالمغفرة والرحمة والصلاح.
- قراءة سورة القدر كل ليلة قدر المستطاع حتى يحصل اليقين في قلب المؤمن.
- التوبة والاستغفار.
- كتابة المؤمن حوائجه لكي لا ينسها ليلة القدر عندما يحين عرضها على الله سبحانه وتعالى.