آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:30 ص

أم هارون... ضجة وشجون

رافق عرض مسلسل أم هارون ضجة إعلامية صاخبة لا شك أنها سا همت في تسويقه وشهرته.

وحينما نرصد انطباعات الجمهور عبر وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي المختلفة نلحظ اختلاف وانفعال وتفاعل هنا وهناك مالأمواح تتلاطم فيما بينها فكل يغني على ليلاه.

أو بمعنى أوضح كل ينظر من زاويته الخاصة من خلال خلفيته الايدلوجية والثقافية.

أم هارون رغم أنه مسلسل يمثل دراما تاريخية تتناول أحداث تتمركز حول شخصية سيدة يهودية تدعى أم هارون أو «أم جان» جاءت من تركيا إلى البصرة ثم تنتقل للبحرين ومن المبكر بل من الظلم أن نصدر أحكاما مبكرة دون مشاهدة جميع حلقاته.

برأيي لا أعتقد أنه كان دقيقا في عرضه للقصة لا من ناحية الأحداث أو الأشخاص وحتى المكان والزمان [1] .

وأنا هنا في هذه المقالة لن أتعرض لتلك الأحداث التاريخية ودقتها من عدمها

لكن فكرة هذا المسلسل أثارت بعض شجوني نحو قيم ومبادئ التعايش والعيش المشترك كما أن لهذه الفكرة تشعبات وارتباطات كثيرة كالجانب الديني والسياسي ولفت نظري أيضا إشارته في إحدى حلقاته أيضا للتسامح المذهبي.

هذا الجانب المضيئ في المسلسل كفكرة وكمبدأ يتماهى مع مبادئ الدين والمبادئ والقيم الإنسانية المتحضرة فهو يمثل حالة حضارية تستحق الإشادة خاصة أنها في مجتمع خليجي رغم قدم الحقبة الزمنية وبعدها الزمني عنا.

دعاني ذلك للتساؤل هل كان الخليج متقدما ومتحضرا فكريا بهذا الشكل الملفت أم هي بساطة الحياة وطيبة قلوب أهل الخليج؟

نقطة أخرى أثارت لدي تساؤل هي كيف ولماذا تعامل الناس مع اليهود وكأنهم صهاينة؟

ألم تتأثر القضية الفلسطينية باقتراف هذا الخطأ الاستراتيجي؟

نعم أن اعتبار اتباع الديانة اليهودية كمحتلين وصهاينة خطأ فادح لا شك أن عدم التمييز بين اليهودية كدين والدولة الصهيونية خطأ أعتقد أن بسببه خسر العرب الكثير الكثير وحتى على الصعيد الأخلاقي هو أمر غير مقبول فلا يصح أن تقرر فجأة أن جارك أو صديقك هو عدو ويجب أن يرحل؟!!

هذا الخطأ غير حياة ومستقبل المجتمع اليهودي في الخليج جملة وتفصيلا كما جعل يهود العالم تتدفق على اسرائيل بسبب ردات الفعل الخاطئة والمعاملة السيئة اتجاه اليهود في مختلف أرجاء العالم العربي ولنتصور افتراضيا لو أنهم

حافظوا على علاقاتهم الجيدة مع شركائهم اليهود في مجتمعاتهم لكسبوهم إلى صفهم عندها لن يحتاجوا لترك منازلهم والهجرة للأراضي المحتلة ولكانت تغيرت مجرى الأحداث لصالح العرب ولفشل الصهاينة في تحقيق مآربهم.

ولا أدري لماذا ورغم وجود أعداد كبيرة من اليهود حول العالم تعارض قيام دولة صهيونية إلا أن أحدا لم يفكر في استثمار ذلك حتى الآن!

فيبدو أن المجتمعات عادة تكرر أخطائها عبر الزمن فما زلنا نسمع الخلط بين اليهودية والصهيونية حتى اليوم وهذا ما بينه لنا مسلسل أم هارون اليوم ربما ينسحب ذلك أيضا على تعامل البعض اليوم مع أخوانهم الشيعة، فما زال البعض اليوم يخلط بين التشيع كمذهب ديني عقدي وبين السياسات الإيرانية.

ولو أن مسلسلا تعرض لدور الشيعة في بناء الخليج مثلا لوجدنا من يهاجم الشيعة ويخلط بين الشيعة وايران وربما خرج علينا جاهل متطرف ورماهم بالمجوسية وغيرها رغم توحيدهم لله رب العالمين.

فالخلط بين ماهو ديني وماهو سياسي يبدو ما زال ساريا ويكاد يكون مهيمنا على بعض العقول العربية لذا ستستمر الأخطاء وتستمر مسيرتنا للوراء وفي النهاية لا بد أن نصطدم بالحائط خائبين.

[1]  راجع الكتب المؤلفة عن حياة اليهود في الخليج.
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
علي
[ الربيعية ]: 3 / 5 / 2020م - 11:35 م
هناك شريحة لا بأس بها من الشباب المسلم يدركون الفرق بين اليهوديّ والصهيونيّ جيِّدًا, ومن جهةٍ أخرى فإنّهم يتساءلون عن سبب تسليط الضوء على هذه القضية في هذا الوقت الذي يجري فيه ما يجري من مناكفاتٍ في وسائل التواصل الاجتماعي حول القضية الفلسطينية والسعي لإسقاطها..
يقول هؤلاء المتابعون: هل انتهت القصص والحكايا حتى يفكر كاتب عربي في إنتاج مسلسل في شهر الله الفضيل حول عائلة يهوديّة؟؟