الساعة تُشير للثالثة مساءً
الأجواء ليست كعادتها ، هي تلك الكآبة التي تحلّقت في الجو ، لقد طوى كورونا جميع اللحظات السعيدة بعيدا عن آفاقنا الجميلة وأبعدنا عن الخروج من منازلنا وإن كنا نتمسك بشيء من الأمل يداعب أحلامنا بغدٍ يخلو من كورونا.
عندما خرجت من منزلي كان مؤشر الساعة قَرُب على الوصول الثانية ظهرا.
صرتُ أحادثُ نفسي هناك متسع من الوقت للوصول لمحلٍّ يبعد عن منزلي بخمس دقائق لأشتري بعض المنظفات التي تكاد المرأة أن تغتسل بها من كثرتها وانتشارها في أرجاء منزلها. وهيهات أن نشبع _نحن النساء_ من المنظفات المنزلية.
ولكن خاب ظني أن أظفر بشيء منها فقد كان المحل صغيرا _ وقد اعتلت إحدى النساء المهوسات بشراء المنظفات مثلي_ منصة الشراء بسلّة ضخمة تحوي الكثير منها مما أشعل الفضول عندي لرؤية منظفاتها لعليّ أسترقُ النظر لمنظفٍ جديدٍ لا أعرفه!
وأنا بانتظار دوري داخلني الشعور باليأس أن تحدُث معجزة وأن أغادر المحل بحاجتي المنشودة ولكن خابت الآمال فقد شارفت الساعة على الثانية والنصف وشعرتُ بواجب أن أكون في منزلي في هذا الوقت لقد غادرت المحل وفي ذهني صورة صاحب المحل «أبو ...» والجميع ينادونه للاستفسار عن الأسعار جملةً أو مفرقة.
وإذا استطعتُ رَسْم صاحب المحل وهو يسرع في إنجاز مهمته الحسابية سوف أرسمُ طالبًا مجدّا يناضل من أجل حلّ مسألة رياضية بآلة حاسبة قبل فوات زمن الاختبار.
إنه ينادي باستمرار كم الساعة الآن؟ ثم يعقب حديثه هل وصلت الساعة الثالثة أم لم تصل بعد؟
هو في دوّامة من العمل وحرب للحصول على رزقه ، ولو أنني جئتُ مبكرة قليلا لاستطعت الحصول على منظفاتي أسوة بأختي في الله صاحبة السلّة الضخمة.
إن الوقت المسموح به للخروج من المنزل وشراء الضروريات يكفي للجميع ويحتاج منا جدولة معينة لوقتنا تُجنبُنا الوقوع في بؤرة الازدحام وعندها سوف نكون أشبه بالحداد الذي قام بتوفير مسمارٍ أفقده فرسًا.
كل ماعلينا تلافي الخروج في وقت واحد ومزاحمة الناس وإرباك أرباب العمل ليؤدوا أعمالهم بهدوء.
رجعتُ في اليوم التالي في محاولة جديدة لشراء منظفات كانت الساعة التاسعة صباحا يبدو أنني هذه المرة اخترت التوقيت المناسب فقد ظفرت بحاجتي لأن المكان يكاد يكون شبه فاضٍ وغير مُكْتَظٍّ بالناس.
لقد عدت هذه المرة منتصرةً حاملة بين يديّ كم كبير من المنظفات التي أشبعت حاجتي وأشعرتني بالسعادة لأستنشق النظافة بها كحال مثيلاتي من بنات حواء.