آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

الكورونا وسائق التاكسي

كمال أحمد المزعل *

ينقل الدكتور عبدالله هادي وهو مستشار اسري وتربوي، قصة حول سائق سيارة لومزين، ركب معه ذات يوم، فلاحظ انه يتقن اللغة العربية وباللغة الفصحى، فتعجب من ذلك وسأله عن سر معرفته للغة العربية وبالفصحى أيضا، فأجابه السائق الآسيوي انه كان يستمع يوميا إلى إذاعة نداء الإسلام وقت سياقاته للسيارة واستمر على هذه الحال لفترة طويلة، علاوة على انه كان يردد ما يقوله المتحدث، وبالتالي تعلم اللغة العربية وبالفصحى أيضا، هذا نموذج من نماذج الاستفادة من الوقت في أمر مفيد ومهم.....

وينقل الدكتور عبد الله أيضا قصة سائق تكسي سعودي آخر قبل مدة طويلة، فيقول إن هذا السائق أشترى أشرطة برنامج «نور على الدرب» الذي يختص بالمسائل الشرعية في الإذاعة السعودية، واستمع لها كلها تقريبا وربما أكثر من مرة، فأصبح بعد ذلك أشبه بالداعية بحكم اطلاعه على المسائل الشرعية المطروحة وأجوبتها... وهذا مثال آخر للاستفادة من الوقت خاصة في الأوقات الضائعة، وقد كان هناك حث كثير على استفادة الشخص من وقته أثناء ذهابه للعمل أو عودته والذي قد يستغرق عند البعض قرابة الساعتين يوميا وهو وقت طويل جدا لو فكر كل واحد منا في الاستفادة منه، لكسب حضا عظيما وفائدة كبيرة، ونحن الآن نعيش في حجر صحي إجباري، وبالتالي لدينا أضعاف ذلك الوقت والذي يمكن أن يمثل نقلة كبيرة لنا إذا أحسنا الاستفادة منه.

تبقى هناك مسألة تطرح باستمرار وهي أن هناك أناس حتى ضمن الظروف العادية لديهم القدرة على الاستفادة من الوقت حتى وهم يذهبون للعمل يوميا، فيستطيعون الاستفادة من وقتهم بعد العودة من العمل سواء لشخصهم في مجال القراءة والكتابة والتدريب وبقية الأمور المفيدة، أو لمجتمعهم عبر المشاركة في مختلف الأنشطة الاجتماعية، وهناك غيرهم ممن يعمل نفس الساعات ولكن يتعذر بعدم توفر الوقت لديه سواء في ما يفيده شخصيا أو ما يفيد مجتمعه، بل قد يكون ذلك الشخص متقاعدا ولا يستطيع أن يجد الوقت لنفسه أو لمجتمعه وربما حتى لعائلته، لذلك قيل كثيرا إذا أردت أن تنجز مهمة، فأعطها لشخص مشغول، فالمشغول وهو مرتب في أوقاته وحياته سيجد الوقت المناسب في برنامجه اليومي وينجز المهمة، بينما غير المشغول لن يستطيع أن ينجز شيئا لأنه لم يعتد على الانجاز.

أتمنى أنى نسعى ونحاول أن نرتب أمورنا وجدولنا اليومي، ومهما فشلنا علينا مواصلة المحاولة حتى نحقق الاستفادة من الوقت بأكبر قدر ممكن، لكي لا تضيع الأربع والعشرين ساعة دون إنتاج، ينقل لي أحد الأخوة عن جدوله اليومي فيقول، انه يجلس الفجر ويؤدي الصلاة وبقية البرامج الروحية، والساعة السابعة يكون على مكتبه الخاص الذي أعده في بيته لينجز ويتابع أعماله ومهامه، لقد اعد هذا الرجل له مكتبا خاصا ومنزويا على العائلة لكي لا يزعجهم ولا يزعجونه، ولكي يستفيد من وقته أيما استفادة ولا تذهب هذه الأيام سدى.

ذلك هو النموذج الجميل المفيد، وقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من الأفكار والاقتراحات لكيفية الاستفادة من الوقت، على المرء أن يستفيد منها أيما استفادة، لان هذه الفرصة لا تتكرر، ويكون ذلك بترتيب جدولنا اليومي، فهي أيام من عمرنا علينا أن تستغلها أفضل استغلال وبالله التوفيق.

سيهات - عضو مجلس بلدي سابق - راعي منتدى سيهات الثقافي