ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
للأمل «Hope» أهمية كبيرة ومركزية في علم النفس التربوي بشكل عام وفي سيكولوجية التحفيز بشكل خاص.
وأحد أهم تعاريف الأمل في علم النفس التربوي هو: التفكير الواعي والجدي في إيجاد طرق مختلفة من أجل تحقيق أهداف معينة بالإضافة إلى وجود حافزية لدى الشخص لإستخدام تلك الطرق لتحقيق الغايات التي رسمها. وبناءا على هذا التعريف، بإمكان النظر لمفهوم الأمل من خلال الثلاثة الأوجه التالية:
1 - وجود أهداف محددة عند الشخص.
2 - توفر القدرة او شعور الإنسان بأن لديه القدرة على إبتكار طرق مختلفة لتحقيق الأهداف المرسومة.
3 - درجة حماس ًوحافزية الشخص لإستخدام السبل لتحقيق الأهداف المرجوة.
وهذه الأوجه الثلاثة يطلق عليها روح الأمل ولها دور بارز في شحذ همة وحماسة الإنسان ودفعه لتحقيق أهدافه وإطلاق عنان تفكيره وإبداعه في خلق وابتكار طرق للوصول الى النتائج التي يبتغيها
عدة دراسات أثبتت وجود علاقة طردية بين الأمل والوضع النفسي العام للمرء وصحته وقدرته على حل المشاكل وتأقلمه النفسي مع ما حوله. وأثبتت الدراسات ايضا بوجود علاقة عكسية بين الأمل والعدوانية والكآبة والإضطراب النفسي واليأس والتفكير في الإنتحار.
أحد العوامل ذات الصِّلة الوثيقة بالأمل هو القدرة على حل المشاكل والذي يعرف على أنه عملية نشطة وواعية للحصول على حلول معينة والتي قد يفرض التحدي على أن تكون غير الحلول المعتادة التي استخدمها الشخص في السابق.
حل المشاكل هي الطريقة التي يجب على الإنسان إتباعها لمواجهة الصعوبات والأحداث المؤلمة والضغوط النفسية التي يمر بها. عدة دراسات أشارت على أن القدرة على حل المشاكل هي من أهم العوامل المؤثرة في التعامل مع الضغوط النفسية وللتأقلم والتوازن النفسي. وتثبت الدراسات بأن هناك علاقة عكسية بين الطرق الناجعة لحل المشاكل والإضطرابات النفسية. والنَّاس قد يلجأون لعدة طرق لحل ما يواجهونه من مشاكل من بينها:
1 مواجهة المشكلة بثقة ورباطة جأش وتحكم ذاتي، واعتبار المشكلة على أنها فرصة لإعمال التفكير في التغلب والإنتصار على التحدي.
2 والنقيض لهذه الطريقة هي تجنب حل المشكلة.
وهاتان الطريقتان أعلاه تندرج تحت ردود فعل الإنسان العامة من إقدام وإحجام. وهذا يأخذنا لتصنيف طرق حل المشاكل الفعالة والغير فعالة او الغير ناجحة.
طرق حل المشاكل الفعالة تزيد من تحسين الوضع العام للإنسان وتجعله أكثر قدرة ومرونة على مواجهة المشاكل المُحتملة بسهولة او أقلا بدون إضطراب وتردد وقلق وهذا يرفع من مستوى ثقتهم بأنفسهم على التعامل مع وإدارة المشاكل والأزمات التي يواجهونها، وهذا بدوره يعزز مشاعر ما يسمى با self - efficacy أو الكفاءة الذاتية.
الكفاءة الذاتية تساعد الفرد في رسم أهداف معقولة وإيجاد طرق ذكية لتحقيقها ومن ثم شحذ الهمة والدافعية لترجمة الخطط على أرض الواقع والوصول للنتائج التي يصبو اليها. بمعنى آخر، الكفاءة الذاتية تعزز مشاعر القدرة على حل المشاكل والتي بطريق غير مباشر تزيد في رفع مستوى الأمل عند الإنسان.
عالم النفس ألبيرت بندورة «يعني طماطا!» يعرف الكفاءة الذاتية على أنها ثقة الإنسان بقدرته وجدارته على القيام بالخطوات الضرورية والمطلوبة لمواجهة الحالات المختلفة في حياته اليومية. التعريف القصير لهذا المفهوم «الكفاءة الذاتية» هو شعور الإنسان بإدارة أمور حياته بنجاح. ويشير ألبيرت بندورة الى روافد أربعة تغذي مشاعر الكفاءة الذاتية وهي:
1 - التجارب الناجحة السابقة. ”نجحت بالماضي وسأنجح الآن!“
2 - التأثر بالإيحاءات من تجارب الآخرين الناجحة. ”راقبت وشاهدت زميلي وهو يجتاز او يحل المشكلة وأنا سأستطيع حل مشكلتي بنجاح أيضا!“
3 - إلإقناع الكلامي او اللفظي من قبل شخص آخر. ”قابلية الإنسان للإستماع لإنسان مجرب او خبير في الشأن الذي نحتاج اكتساب معلومات اومهارات عنه. إستماع كلمة تشجيعية مثل:“ بادر في عمل ذلك فإنه أمر تستطيع عليه. ”أو“ أنت عندك المهارة للتغلب على هذا التحدي! "
4 - الحالة النفسية والجسمانية للمرء والتي تملي عليه الإقدام لا الإحجام.
الكفاءة الذاتية تؤثر في تصرفات وسلوك الناس وفي قدرتهم على مواجهة المصاعب والضغوط التي يتعرضون لها في بيئتهم الإجتماعية.
في بقية الموضوع «الذي سيطرح لاحقا» وصف للعلاقة بين الأمل وحل المشاكل والكفاءة الذاتية وربط كل هذه العوامل الثلاثة بروح الأمل في مواجهة الصعوبات والحالات النفسية الحالية «والمستقبلية» الناجمة عن أزمة كورونا.