إحباط الاناني من طرق التطرف
لا يوجد أحد بدون أمنية يتطلع لتحقيقها والتي قد تختلف من واحد لآخر من حيث الحجم والنوع.
فقد يتمنى أحد أمورا مادية كامتلاك منزل أو زواج سعيد أو سيارة فارهة أغيرها مما يرى إنها هدفه وسعيه. وآخر يتمنى أمورا معنوية كإقامة العدل بين الناس ومنحهم حرية التفكير والممارسات العبادية وغيرها من القيم المعنوية.
بين الأول والثاني فرق كبير فمن يتمنى الماديات يفيد نفسه فقط وهذا حقه الطبيعي، بشرط ألا تتحول إلى سعي مفرط. فعندما تكون حالة الأمنية عنده بشكل مفرط تتحول إلى حب الذات في مقابل الاخرين أو بالمصطلح الدارج «أنانية». ومثل هذا الشخص يكون عرضة لحالة من الإحباط التي تنتهي بهم إلى الانخراط في الجماعات المتطرفة، إذ اكثر من ينتمي للتطرف هم الذين تتسلل لهم حالة الإحباط التي تتكون من أمور كثيرة من ضمنها حب الذات المفرطة. يقول إيريك هوفر في كتابه المؤمن الصادق أفكار حول طبيعة الحركات الجماهرية الذي ترجمه الدكتور غازي القصيبي "إن الأنانيين أنانية مفرطة معرضون بصفة خاصة، للإحباط.
وكلما زادت أنانية الشخص كلما كانت خيبته أشد إيلاماً، ومن المفارقات هنا أن الأنانيين أنانية مفرطة هم الذين يحتمل أن يصبحوا أبطال الدعوة إلى إنكار الذات.
إن اشد المتطرفين عنفا كثيرا ما يكونون أشخاصا أنانيين أجبروا بسبب عيب شخصي أو ظروف خارجة على فقدان الثقة في أنفسهم، الأمر الذي يدفعهم إلى أن يسخروا سلاح أنانيتهم الفردية لخدمة قضية مقدسة. برغم أن هؤلاء يدعون إلى الحب والتواضع، فهم في الحقيقة أبعد ما يكونون عن الحب والتواضع".
بخلاف ذلك عند الطرف الثاني الذي يسعى لترسيخ قيم تفيده وغيره من الناس، يصبح حاله عكس الطرف الأول حيث تتكون عنده روح الاعتدال، لإيمانه بأن هذه القيم سوف تعود على الناس بالنفع الجميل، وهو جزء من الكل لذلك تجده يسعى إليها، حيث أن من يتلبس بهذه القيم التي تتكون في وجدانه تشغل فكره وتأخذ بيده لطريق الاعتدال والمرونة. فلا يمكن أن تتكون عند من يحمل هم إرساء القيم العادلة في مجتمعه وحالة التطرف في آن واحد. وعلى العكس من ذلك عندما تتجاذب مع مصالح من يحمل في نفسه حب الانا المفرطة التي تنسجم مع التطرف الذي يبذا بذاته ومن ثم يتحول ضد الناس. ولا أقول بأن من يسعى لمصالحه الخاصة امر غير محبوب لكن الأمر الذي يفضل في مثل هذه الحالات ان لا يكون مفرطا فيه بحيث يضر غيره مقابل مصالحه الخاصة.
الامنيات حق طبيعي لكل انسان يعيش على الأرض سواء كانت العائدة على الذات بشرط ان لا تتحول إلى إفراط، أم العائدة على المجتمع الذي يعيش فيه لكن الفرق بين الاثنين أن التاريخ يخلد من كان يسعى لنشر القيم العادلة بين الناس ويسعدهم.