الاستفادة من الوباء الجائح
يقول الدكتور مصطفى ملكيان في الحوار الذي اجراه معه الأستاذ الكاتب العراقي الأستاذ عبد الجبار الرفاعي: في العالم ثمة عبارات وحالات، يؤدي الإيمان بها إلى تغيير وجه الحياة. القرآن مثلا يقول: «فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ** ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره» والإمام علي يؤكد: أنه لا سبيل في الحياة خير من طلب الحق، أو عندما يقول النبي عيسى : إنك مغبون إذا قايضت روحك بكل العالم، أو حينما يقول سقراط: ”أعرف نفسك“ أو ”الحياة غير المجربة غير جديرة بالعيش“ أو العبارة الواردة ”بهغودغيتا“: ”الفعل بدون التمني“. هذه العبارات وما شاكلها حينما «ترسخ» في نفس الإنسان «فإنها» تغير من طبيعته.
لقد مرت على جميع الناس تجارب بعضها كوارث مهلكة لمن عاش فيها، وأخرى حروب تعصف بالأخضر واليابس في وقتها، وبعضها أوبئة فتكت بأرواح الناس ودمرت حياتهم المعيشية.
ما يحصل في عالمنا اليوم من وباء جائح بين خلق الله جميعهم، لم يفرق بين مسلم أو غيره، ولا بين اسود وابيض، ولا بلد دون أخرى، الكل ينكوي بسمومها من شدة انتشارها بين الناس.
هذه الأزمة سوف تبقى في ذاكرة من عاشها، ولا ينبغي مرورها دون الاستفادة منها. صحيح أنها مؤلمة لكنها مفيدة وتحمل كثيرا من الدروس والعبر، فهي تعلمنا كيف نفكر، وتعلمنا كيف نجاهد أنفسنا، وتساعدنا على جدولة حياتنا، وتساهم في بناء ذواتنا المستقبلية. في مثل هذه الأيام لطالما يختلي كل فرد بنفسه، فلابد له من مراجعة وإعادة الحسابات الحياتية لأن هذه الأزمة هي علامة فاصلة بين «الحاضر» والمستقبل، إذ لابد من تغيير المسار الحالي إلى مسار مختلف فمن تمر عليه هذه الفترة ولا تغير «فيه شيئا» فهو خسران.
خلاصة ما اردت البلوغ له هو «كلام الفيلسوف سقراط الذي يقول: الحياة غير المجربة غير جديرة بالعيش،» أننا إذا لم نستفد من التجارب لتغيير حياتنا وتجديد مساراتنا وتغيير تفكيرنا، فإننا نبقى امواتا في حياتنا منكرين لذواتنا، لا نستحق الاستئمان على الأرض التي نعيش فيها. فمن يعمل الخير يجزى به ومن يعمل الشر يعود عليه، فلابد من رفع روح التمني بالتغير والاستزادة من خيرات الحياة.
وفي النهاية، فإن كورونا تبقى من ضمن الكوارث والتجارب التي لابد من الاستفادة منها لتغيير ما بداخلنا.