آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

إيجابيات من جائحة كورونا

سامي آل مرزوق *

الإيجابية هي مهارة يكتسبها الإنسان كباقي المهارات المكتسبة بالتعلم، والتطور المستمر، وغالباً ما يتسائل الكثيرين عن الطريقة السليمة لمعرفة مبادئها وتطبيقها في حياته اليومية، وتندرج الإيجابية تحت عاملين رئيسيين، الأول طريقة التفكير، والثاني طريقة التصرف، وهما قابلان للتغيير والتطوير، فالإيجابية، هي عبارة عن مزيج من الطريقتين تفكير الشخص وطريقة تصرفاته التي يتبعها، فإن ضل يعتمد على أفكاره نفسها التي أعتاد عليها فسينعكس ذلك على البيئة المحيطة التي يعيش فيها، وإن كان حريصاً على نتيجة رائعة فعليه أن يحرص على تطوير طريقة تفكيره التي دَرج عليها، فعليه أن يبحث عن التعبيرات الإيجابية التي تُساهم في معرفة وإدراك الكثير من الأمور وذلك بخلقها في العقول لكي لا يتسلل اليأس إلينا او في أنفسنا.

الإيجابية نعمة من الله سبحان وتعالى، وعلى الإنسان التمسك بها للحصول على الخير والنجاح، فعلينا أن نكون إيجابيين في هذه الحياة لتستمر الحياة، فهي عبارة عن استقرار إيماني نفسي للتكيف مع الواقع من حوله وتبديله وتغييره إن اضطرت الحاجة لذلك، وهو حافز يدفع الإنسان لأداء عمل معين والوصول للغاية المنشودة فالاستسلام لليأس والإحباط هو طريق سهل لسلبية الحياة، وعلامة من علامات الضعف، وعليه يجب أن يكون الإنسان إيجابياُ في عمله ليمنع الكسل وانتشاره فيه، فالإيجابية لا تقبل الانحسار وحيوية تقصي السلبية وتبعدها، وإنها عطاء بلاد حدود ومبادرة لا تكبلها قيود وارتقاء فوق السدود.

فمن إيجابيات التي طرأت على المجتمعات بشكل عام، رغم الكآبة في الأخبار العالمية عن جائحة ”فيروس كورنا“، التي لا مفر منها، حيث من الغير الطبيعي والمألوف الحديث عن إيجابيات جائحة خطفت أرواح آلاف من البشر على مستوى العام، فقد ذكرت وكالة ناسا الفضائية، إن معدل التلوث البيئي في سماء دولة الصين التي انطلقت منها شرارة الفيروس الأولى، أنخفض بشكل ملحوظ وكبير جداً، حيث قل معدل التلوث بثاني أكسيد النيتروجين الناتج عن أدخنة، وغيوم غبار المصانع.

وفي مدينة فينسيا الإيطالية أو كما تسمى ”مدينة البندقية“، مدينة الرومانسية والسحر والجمال، شاهد سكانها لأول مرة الأسماك، والدلافين في قنوات مياهها، بعد انحسار ملحوظ في التلوث المائي بالمدينة، كما أن هنالك انخفاضً عام ملحوظ للتلوث البيئي في أرجاء قارة أوربا.

ومن المتابعة لمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، شاهدنا انخفاضاً في المحتوى التافه والساخر بالنسبة للمحتوى هادف، مُركزاً على توعية بعضنا البعض بإتباع والتحصن بالإجراءات الصحية السليمة، مما يوحي للجميع أبناء المجتمع والبشرية على قلب رجلٍ واحد لمواجهة العدو الغير مرئي وهذه الجائحة، وذلك بالتكافل الاجتماعي الواعي، من المشاهير، والفنانين، والرياضيين، بشكل شخصي أو بالتعاون مع الجمعيات الخيرية.

كما زاد الاهتمام بالنظافة بشكل عام، وتباع العادات الصحية والغذائية السليمة، كما وفر حضر التجول بشكل قاطع قضاء وقت للكثيرين مع عوائلهم، وعودة الدفء والروح الأسرية والتفافهم حول مائدة الطعام، والتواصل بين الأب والأم والأبناء مما سبب زيادة بالتماسك والترابط الأسري، كما عمل على رفع الوعي بالخدمات الحكومية المختلفة والمتعددة، ومنها التعليمية كالتعليم عن بُعد، ناهيك عن مراجعة الكثير من الأمور الحياتيه والاجتماعية اليومية.

فقد وضعت هذه التجربة وهذه الجائحة العالمية، البشر في موقعهم ووضعهم الطبيعي، فقد أفاقت الكثيرين من البشر الذين كادوا أن ينسوا إنسانيتهم وأهله ومجتمعهم، وأمام شيء لا يرى بالعين المجردة، عزل الإنسان، وفعل به ما لم يخطر ببال أحدً من البشر، وعَرف الإنسان حجمه الحقيقي، هي أمور إيجابية حقيقية تساعد على خلق مناخ صحي إيجابي بالمجتمعات، قال تعالى في كتابه الحكيم «وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ...» النساء آية 19.