آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 4:17 م

سلوك تحت الأزمة!

رجاء البوعلي * صحيفة الرأي السعودي

تكشف الأحداث والظروف الطارئة وجهًا آخرًا للإنسان، فهو في حالة الهدوء ليس كما يبدو عند الغضب، وربما يختلف الجائع عندما يشعر بالشبع والامتلاء، هنا ينفتح باب التفكير على مصراعيه لتتدفق منه الصور والاستفهامات.

فالظرف الحرج الذي يعيشه العالم الآن أتاح للإنسان فرصة الخروج بوجه آخر، وتأتي المفارقة الحاسمة في اختلاف هذه الوجوه، فكلها قابعة تحت الظرف نفسه بينما لكل منها وجه مختلف، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، مهنيًا تم الإعلان عن افتتاح باب التطوع للكوادر الصحية لممارسة العمل وفق ما تقتضيه الحاجة لو تداعت الأمور وساءت الأحوال - لا سمح الله - بينما نأى بعض الممارسين الصحيين بأنفسهم خارج جدران المستشفى بسبب أو بدونه خوفًا من العدوى.

لست هنا بصدد الحكم على كلا السلوكين ولكني أحاول التفكير في الموقف - لا أكثر ولا أقل - فكلا الحالتين تخشى العدوى سواء الإصابة بها أو نقلها، وكلاهما جاء من أسرة وفيها أفراد، وهو أيضًا متشبث بالحياة ولديه من الطموح والمستقبل ما يستحق البقاء، لكن الاختلاف برز في القرار والفعل حينها.

وهنا يجدر بنا إعادة التفكير في طبيعة النفس البشرية الساعية فطريًا للبقاء، لماذا اختلفت ممارستها من شخص لآخر؟ وما هو التفسير لهذا الاختلاف؟ وهل هو مبرر وأخلاقي أم لا؟.

أما على مستوى المبادرة الذاتية، فالسلوك يتأكد تأصله في الأفراد عندما يكون منبعه اختياريًا وذاتيًا، فقد رأينا رؤى العين كيف تقطعت عرى التواصل المادي بين الناس وأُغلقت أبواب البيوت في المدن على مستوى العالم، ناهيك عن نفاد بعض أصناف الأغذية من مركز التموين الغذائي بسبب تسابق الناس في شرائها لتأمين مستقبل مازال مجهول المدة الزمنية! بينما انطلقت حملات تكافلية تراحمية لا تفسير لها سوى ارتفاع الحس بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية تجاه الآخر، مثل الدعوة لاستمرار دفع تكاليف التوصيل لسائقي السيارات والباصات المدرسية والجامعية، لأنها المورد الوحيد لصاحبها وتوقفها يعني توقف الدعم الاقتصادي عنه وعن أسرته، وغيرها من المبادرات الأهلية التكافلية.

بعد هذا، يمكننا إعادة السؤال بصيغة أخرى: هل هناك سلم لفرز وتصنيف الممارسات الذاتية الاختيارية في الأزمات؟.