رواد الأعمال التقليديين
لن نعرف ريادة الأعمال بتعريفاتها المعقدة الخارجة من رحم الاقتصاد الرأسمالي ولا بقول أو فهم كارل ماركس الذي يقول أن الرياديين هم وكلاء المجتمع، ولا نحتاج لتعريف الاقتصادي المتحمس لنظرية الفوضى الخلاقة جوزيف شومبيتر في فهم ريادة الأعمال.
مفهوم ريادة الأعمال الحديث دخل في متاهات الاقتصاد الليبرالي والإدارة الحديثة بتعريفات منها تحويل الفكرة إلى منتج أو خدمة بعد دراسة جدواها ومن الأفضل أن تكون فريدة ومميزة يهدف رائدها أو مبتكرها ربحا دائما.
ريادة الأعمال قديمة صاحبت الإنسان على وجه الأرض حاول أن يبتكرها بطرقه الخاصة الملائمة لزمانه وظروف مكانه وطبيعة حياته، بدأ من الصيد إلى الزراعة والصناعة فهي في تطور دائم وتنامي لفكر الإنسان الإداري والإبداعي وفقا لأحتياجاته الحقيقية وليس بخلق الحاجة عند المستهلكين.
رواد الأعمال الحقيقيين هم أصحاب الأفكار البسيطة والتعامل العفوي الذين يعيشون الحياة بهمومها ومن مشاكلها وأزماتها تتولد لديهم أفكارا ملائمة للسوق، أغلب أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة أو ما يسموا «رواد أعمال» تضخيما بالأعلام الحديث دفعهم طموحهم وإصرارهم على أن يكونوا أصحاب أعمال حرة بدون تعقيدات دراسة الجدوى المغلفة وبعيدا عن عوامل أقتصاد السوق لكن تولدت لديهم بالملاحظة وحاجة المجتمع.
في أزمة فيروس كورونا أكثر المتضررين هؤلاء رواد الأعمال وأصحاب الريادة الذين حاولوا أن يدخلوا سوق العمل والتجارة بأفكار ومشاريع أنتجتها التقنية والتجارة الألكترونية والرغبات السوقية ولا نقصد نقدهم أو التقليل من أفكارهم لكن التجارة الالكترونية والدولية متشابكة في أجزاء منتجاتها وعلاقتها بالتجارة الخارجية وبثقافات خارجية ومغريات التسويق الالكتروني ومنصات البيع التقني والتناول السريع بدون بذل جهد، لذا أكثر ما تضررت في أزمة فيروس كورونا هي منتجات المنصات والتطبيقات الألكترونية الخارجية، لا أحد يستطيع أن يقول الضرر وقع على فئة معينة فقط بل مثل ما شمل تجارة وصناعة دول أيضا تضررت العلاقات الاقتصادية الدولية، لكن رائد الأعمال في المهن والحرف والتجارة التقليدية المرتبطة بثقافة المجتمع أقل ضررا ولم تخونه الظروف والعوامل المرتبطة بالصناعة والتجارة الخارجية.
مثل ما يقال أفضل أنواع التجارة والصناعة المرتبطة بثقافة مجتمعك وأنظمة وقوانين وطنك، فهي الدائمة من خلال طلبات واحتياجات المجتمع الحقيقية وليس المصطنعة من خلال ثقافة اقتصاد السوق ومؤثرات أدوات التواصل الأجتماعي.
رأينا في هذه الأزمة الأستثنائية نماذج كادحة وساعية لرزقها لم يثبط عزيمتها فيروس كورونا ولم يخيفهم انتشاره وسعوا في سبيل الرزق ولقمة العيش بل عندما رأوا في الأسواق الشعبية التقليدية ضررا عليهم وعلى مجتمعهم ابتكروا طرقا لأستمرار مصدر رزقهم وملائمة للسلامة العامة، أحدهم جعل من بيته مستودعا للمنتجات الزراعية والفواكه ونشر اسمه ورقمه مع دعاية تسويقية للتوصيل، وآخر مهني «سباك - كهربائي» وزع رقم جواله على أدوات التواصل لإصلاح الأعطال بالمنازل، وربة بيت من الأسر المنتجة عملت تخفيضا مناسبا للتسويق للمحافظة على الزبائن التقليديين وجلب آخرين بعوامل تسويق جاذبة، فلاح استمر بمزرعته يعمل منع أبنائه من الاقتراب عزل نفسه بعشقه المهني بعيدا عن الناس، الأزمة أنتجت طرق ابتكارية لأستمرار تدفق المال وجلب الرزق لأعمال أصحاب المهن والحرف والمشاريع الصغيرة التقليدية، هذه ريادة الأعمال الحقيقية التي تتغلب على الظروف وتحول التهديدات والمخاطر إلى فرص ملائمة لتجاوز الأزمة وزيادة مصدر الخير بدون الأتكال على الآخرين، بل بعزيمتهم وأرادتهم جعلتهم يتبعوا أساليب التسويق والبيع بأدوات غير مكلفة، كم رائد أعمال أنتجته الأزمات، وكم من المنتجات والخدمات التي كانت إفراز الضيق والطوارئ بقيت مستمرة؟، الحاجة أم الأختراع، المجتمع الحيوي والواعي من يتكيف مع الظروف مهما قست، دور المجتمع يتضح بوقت الأزمات بتشجيع ومساعدة هؤلاء الكادحون الساعون للعمل والرزق.
بدون شك للجمعيات الخيرية ولجان التنمية أدوار كبيرة في هذه الظروف بالدعم المادي والمعنوي، فأغلبها عملت اجتماعات بواسطة التواصل الأجتماعي للقيام بما يستوجب عمله من واقع المسئولية لهذه الفئة الكادحة رواد الأعمال الحقيقيون، كذلك ينبغي على الميسورين بالمجتمع أن يقوموا بما تفرضه عليهم المسئولية والرعاية الاجتماعية بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع.