كورونا في عيون الشعراء
استطاع الهجوم على اكبر الدول ولم توقفه جميع القوى البشرية مجتمعة أو متفرقة فبدأ بدولة المليار ونص، وتوجه لناحية قلب العالم القديم مرورا ببلاد فارس فاجتاح منها ما اجتاح وحط برحاله في اقدس بقعة على الأرض حتى منع المعتمرين والزوار للاماكن المقدسة في اغلب البقاع ولم يميز بين دين أو مذهب، ولم فهذا قبر علي ابن موسى الرضا في مدينة مشهد الإيرانية قد اغلقت ابوابه في وجه الزائرين، مثله كعبة المسلمين قد تعطل القادمين لها من كل مكان بل توقفت العمرة والطواف حولها، حتى علقت صلاة الجمعة والصلاة في ساحات الحرمين الشريفين خوفا من شره، وخلا رمز الشيعة في العراق قبر الحسين ابن علي من الزائرين، ولو انتقلنا للجامع الأزهر في مصر لوجدناه بلا صلاة جمعة وكل مساجد مصر وكنائسها توقفت الصلاة فيها.
وأعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية، إغلاق أبواب المساجد الجمعة والسبت، خلال ليلة الإسراء والمعراج، وذلك احترازاً من انتشار فيروس ”كورونا“ المستجد.
وسنسلط الضوء هنا على جانب آخر من الجوانب التي غزاها هذا الوباء الخطير وهو جانب الشعر والشعراء، فمع وصول هذا الوباء لجزء من وطننا الغالي على قلوبنا وهو محافظة القطيف سعت الحكومة رعاها الله وبتوجيهات من القيادة الحكيمة الى احتوائه
وهاهو الأستاذ موسى الزهراني من على جبال السراة يواسي اهله في القطيف بأبيات شعرية يحصنهم فيها من كرب فيقول:
وحصنت البلاد بلطف ربي.. من الداء المخيف، وكل كرب
فما ”سيهات“ إلا بعض عمري … فنعم القوم عائلتي ومحبي
وكم جئت القطيفَ العزَّ أشكو.. فكانوا بالوفاء حزام جنبي
ولؤلؤة الصفاء، فتلك صفوى… فهم شرق البلاد وشرق قلبي
فيرد عليه ابن القطيف البار الأستاذ الشاعر السيد عدنان العوامي بأبيات بعد مقدمة يقول فيها
يعرف كل من له صلة بي، أن الشعر خاصمني، وولى قبل أن يخاصمني الصبا، لكنه يستثار أحيانا فيحاول النهوض متحاملا على وعز الكبر، ووهن الشيخوخة، وقبل أيام أرسل لي الصديق حسن علي الزاير أبيات الشاعر الجميل موسى الزهراني:
وحصنت البلاد بلطف ربي.. من الداء المخيف، وكل كرب
بعث بها مقترحا إجابته، بقيت منذ ذلك مشبوحاً بين شد الواجب، وخوف العجز عن أداء حق هذا الشاعر الوفي لهذا التراب الحبيب، حتى قلت لنفسي: ألم تسمع القول المأثور:“لا يسقط الميسور بالمعسور، ومالا يدرك كله لا يترك قِلُّه”وأخيرا تغلب وهن الشيخوخة، على يفاعة الواجب، فإليك أيها الشاعر البهيُّ هذه الأبيات الركيكة، مؤملا قبول عذري الواهي، معولا على جميل كرمك في قبولها على ما هي:
أخا زهرانَ، هاك شغاف خُلبي … ولا يكفي، فخذ كبدي، وقلبي
فلولا الخوف أن يؤذيك شوقي … وجمر تلهفُّي، ولهيب حبي
سعيت إليك تشرق في وتيني … فوانيسُ الوفاء، تنير دربي
ولو بيدي ضممتك في عروقي … وبين جوانحي، ورسيس هُدْبي
ولو بيدي سعيت إليك عَدْوًا… أزغرد ب”الهلال”، أو ألبي
ولكني رهين جدار بيتي … فحسبك ما قضى الباري وحسبي
وللشاعر «الإبراهيمي» كما يحلو له تسمية نفسه حسين ابراهيم الشافعي ابيات في القطيف يقول فيها:
كفاكِ اللهُ يا أرضَ القطيفِ
من الأوباء والنَّفَسِ السخيفِ
فإنكِ يا قطيفَ الحبِّ وردٌ
من الوطنِ المُنَعَّمِ بالقُطُوفِ
وشكراً في وبائِكَ يا كورونا
فقد بان المريضُ من الشريفِ
فداؤكَ قد أصاب نفوسَ قومٍ
شفاءُ صدورهم شقُّ الصفوفِ
وجلُّ مآبهم نفثاتُ حقْدٍ
وأقصى فكرِهم فكْرُ الخروفِ
فلا فيروسَ ينجحُ في بلادٍ
إذا الشعبُ احتوى سببَ النزيفِ
حمى اللهُ البلادَ وحاكميها
هُمُ سورُ البلادِ من المخوفِ
وشكراً للأُلى بعثوا سلاماً
على إخوانهم أهلِ القطيفِ
وأما الــشاعـرة رباب الــنـمر فلها ابيات خفيفة الوزن سهلة المعنى تقول فيها :
كل شيء قد تـسـكّر … وعـن الــنـاسِ تــأخّـــر
مسجدٌ ، سوقٌ ، وحتى … شاطيء البحر تـعثّـر
ورجالٌ في بــيـوتٍ … مــثــلما الـمرأة تُـحـجـر
وارتــدوا أي لــثــامٍ … مــثــل حــوّاء تــســتـّر
وعـن (الأعـمال) غابوا … كمريضٍ قد تـجـمّر
زمن الـ ( كورونا ) لاحت … غيّرت ما لم يُغيّر
وغــدت للـناسِ درسـاً ،… أيـــما لــغــزٍ مُحـيّر
تـنــشـرُ الأوباء فيهم … كــهــشــيمٍ ما تـعــثّـر
لا لــقــاحٌ ، لا دواء ٌ … إنـــمــا قــلــبٌ مُـفطّر
كلما لاحت كوحشٍ … يُــرهبُ الـكون ويـزأر
لا تُــرى بالـعـين لكن … شــرُّها شــرُّ تــجـبّر
لــيــتها حلمٌ تـهاوى … عـندما الإشراقُ أسفـر
لــيـتـها كـذبةَ إبـريـ … لَ إذ الأشــهــرُ تـعُـبـر
جاهــليـّاتٌ تـماهـت … ولـها الـتاريخُ أحضر
حــقـبـةٌ بالـويلِ نـادت … وتــفـشّـت في تجبّر
فاسـأل الله فِــكاكــاً … مــن عــدّو قـــد تــنـمّر
وانــتـصر للنـفس لما … تـحـتويها ضد مُـنكر
إنـها كنــزٌ ثـمـيـنٌ… لــيس للــتـفريـطِ يُــذكر
وأما عملاق الشعر الأحسائي الشاعر الكبير جاسم الصحيح فله ابيات يواسي فيها القطيف فيقول
حفظ الله وطننا العزيز ”السعودية العظمى“ من كل سوء، وأزال الله كربة أهالينا في القطيف الغالية:
ما هب من ”هجر“ نسيمٌ حالمٌ... إلا تقلبت ”القطيف“ بحضنه
فكأننا في الحب بيتٌ واحدٌ... لا يستعيض جداره عن ركنه
وكأننا في الحب نصٌّ خالد... جمع الرواة على حقيقة متنه
ولنا في المجارة الجميلة بين الشاعر العراقي الشاب الأستاذ جبر البعداني والشاعرة المتميزة برقة المشاعر تالا الخطيب التي بدأت في تويتر من حساب ابيات فصحى قائلا «يا سارقا قلبي» ويطلب من الشعراء اكمالها
فقالت تالا
يا سارقًا قلبي رجوْتكَ رُدّهُ
ما عاد حَجري في الهوى مأمونا
ماذا تبدّل؟؟ لا تسل ماذا جرى
أوَ ما علمت بلعنة الكورونا ؟
فاكمل جبر البعداني
ومفيرسون إلى النخاع ألّا ترى
كمّامتي ومعقّمي الملعونا؟!
أدري ولٰكنّي جُبلتُ على الهوى
فتقبّليني عاشقاً مجنوناً
أوليس أزكى أن يقال قتلتِني
من أن يقال ضحيّة الكورونا؟!
هي ضمّة لا غير أبرأ بعدها
فلقد ألِفتُ عناقك المأمونا
وإذا انكسرتُ فلا يهمّ لأنّني
مازلتُ أحفظ شعركِ الموزونا
فردت تالا
لا وقت للأشواق قالت جدتي
الكلُّ منشغلٌ بما شغلونا
فانس الحنين ولا تفكر بالهوى
واغسل يديك وحضّر الكمّونا
ستعودُ أيام الجمال لحيّنـا
وتعودُ ترعى ليلنا (الدّلـعونـا)
فقال جبر رادا
وكأنّ جدّتكِ استخفّتْ بالذي
قد مسّنا ويلٌ لمن عذلونا
أو أنّها غارتْ فجدّكِ لم يعدْ
يتلو عليها التين والزيتونا
قد صار يعشق دونها سيجارةً
ملفوفةً ويعاشر الغليونا
فعلى جميع اللائمات توقّفي
من دون خوفٍ واعصري الليمونا
ولدعوةٍ تصل السماء فأمّني
أنْ ربّ لا ترأف بمن ظلمونا
فشارك حساب يافع الحميري
القلبُ في صونِ المحبِّ وحجْرِهِ
هيهات أن يدني الشغاف كورونا
فامضِ إلى خلواتِ بيتكِ إنني
ماضٍ بحجْرِ فؤاديا المفتونا
لو طال "إبن التاجِ" عامٌ كاملٌ
ما آب قلبُك .. لو يظل قرونا
ما كُنتُ يوماً مدّعٍ لمحبةٍ
فأنا الذبيح كي "أُتلُّ جبينا"
واكمل مشارك آخر بهذه الأبيات
(يا جبرُ) (يا تالا الخطيب) تقبَّلَا
من عاشقٍ نُصحًا يقول جُنُونا
لا وقتَ للأشعار حتى ينجلي
هذا البلاءُ؛ وأنتمُ ناجونا
فلعلَّ شعرًا منكما قد مسَّهُ
داءُ الوبا؛ فيمسَّنَا كورونا
فيشارك حساب الراقي بهذه المشاركة
الحُبّ ياتالا وفاء واجب
ياجبرُ ماهذا الهوى أفتونا
هي زفرة الأشواق حلّ أوانها
لَلحَجْرُ يثنيها ولا الكورونا
ويؤثر الأسلوب الجميل في حساب تأبط قلما فيسيل لعاب شعره بهذه المشاركة
ما عادتِ الكلماتُ تُعطي نَبضها
وقلَّ يأتي فِي الحديثِ شُجونَا
هجمت علينا ذِي اللعينةُ هجمةً
فتفرقَ الشَّملُ الجميلُ حَزينا
ونعود للقطيف وشاعرها الانيق مالك آل فتيل وله ابيات يشكر ابطال القطيف الصف الأمامي في محاربة الوباء الممارسين الصحيين
شكرا لكم
شكرا لكم
شكرا لكم
برا وعرفانا حسن وفاءِ
شكر لكم بقدر المؤمنين بربهم
وبقدر كل مقدر وقضاء
وبقدر ما ابتهل الفقير لربه
شكرا وكل تضرع ودعاء
شكر بقدر العارفين بفضلكم
وبانكم حصن بكل بلاء
شكرا اذا ابتهج الصغير وآنست فرحا مكابدة بطول عناء
شكرا اذا اتكأ الكبير وكنتمُ جسدا له عن محمل الأعباء
شكرا بشاشة مبسم لم تنطفئ
وتنورت في حالك الأجواء
لا لن يفي شكر جزاء عطائكم
ما القول في الميزان مثل عطاء
لكنه بعض الذي بقلوبنا
حق على الكرماء للكرماء
وللشاعر علي جعفر نصيب في تكريم فرسان الطب وانتشرت له بعض الأبيات منها :
يا جنود الطب يا فرسانه
ضرب الوقت لكم ألف تحية
كم تخوضون لنا معركة
لا تضاهى بجهود عسكرية
هكذا واجهتمُ الموت على
هجمة الليث بروح جوهرية
انحنى الحب وأهدى لكمُ
فالبسوا تيجان فخر عالمية
وفي القطيف كتب الشاعر. عبدالله آل إبراهيم (ابو فؤاد) قصيدته "لبِستِ الأمن"
لبِستِ الأمن يا أرضَ القطيف
حماكِ الله من أمرٍ مخيف
حمَى الله الديارو قاطنيها
و عمَّ البرء من رب رؤوف
و سالت للشفا عينٌ بعذبٍ
يروِّي أنفس العطشى خفيف
كفاكِ الله شراً مستطيراً
قضى في الناس فتكاً بالألوف
فمُدِّي بالدعا لله كفاًّ
فكم أحنى الإله على ضعيف
و كوني قدوة للناس فيما
يصون الناسَ في رص الصفوف
و صوني باتباع الأمرِ ممَّن
يدير الأمرَ في هذي الظروف
فكفٌّ تلتقي حباًّ بأخرى
تشد الأزر من تلك الكفوف
على جيش الوبا سيفاً ستبدو
بأرض الحرب من أمضى السيوف
فلا فيروس في كَرٍّ سيبقى
إذا صُبَّ الحِمامُ من الزحوف
زحوف الطب في كل المشافي
كجيش حول (كورونا) كثيف
يُعِد الحملة الكبرى بعزمٍ
على إرساله نحو الحتوف
أثاب الله من في كل مشفى
على مرضاهمُ مثل العكوف
عليهم ظللوا من حر سقمٍ
كأغصان تدلت أو قطوف
أزاحوا الغيمة السودا كشمسٍ
توارت برهة لا من كسوف
و كالبدر المنير أضاء ليلاً
عليهم بعد خوف من خسوف
ذووا الإخلاص منا أسعدونا
بما قاموا به وقت الصروف
فكم من مشفق منهم علينا
و أثناء البلا كم من عطوف
تحيات القلوب لهم توالت
كتعداد الرفيف أو الوجيف
بلادي ربنا احفظها خصوصاً
أهالينا على أرض القطيف
كما نشر الشاعر ايمن محمد رضي الشماسي هذين البيتين في أحد حسابات التواصل الاجتماعي
هيا انزعي الكمام فاتني
إذ لست (كورونا) ولا الخجلا
ما لي أرى هذين يا سمري
راحا يصدان الهوا الغزلا