حقيقةُ الإحياء
لا شك لدينا في حُسْنِ نيّةِ الذين يحيون مناسبات أهل البيت سراً أو علناً في هذه الأيام الحرجة والخطيرة وهي أيام تفشي جائحة كورونا في العالم البشري بأسره، غير أن تلك النية الحسنة قد تجعلهم - ولو بدون قصد - سبباً في إزهاق أرواح بريئة من حيث لا يعلمون.
حين تخالفون آراء المراجع، وآراء العلماء الأفاضل، وتضربون بآراء الأطباء والمختصين عرض الحائط، ولا تحترمون القوانين الوضعية، وتجازفون بحياتكم وحياة الناس تحت ظلال إحياء مناسبات آل محمد؛ تكونون قد وقعتم في محاظير متعددة وفي شتى المجالات. الحجج البالغة عليكم أصبحت كحبات الرمل لا حد لها ولا عد، وأنتم لا تُدركون.
معذرة؛ لستم تحملون من الولاء ما يحمله المراجع، ولستم تملكون من العقيدة معشار ما يملكون، ولا تعلمون بمقامات المعصومين الحقيقية كما يعلمون، فضلا عن أنهم الأعلم بالأحكام الشرعية والأخلاق والسنن وسواها منكم ومن سواكم، وهم الذين أمروا جميع الناس بامتثال آراء المختصين والأطباء، فلماذا تخالفونهم؟! وتخالفون العقل، والعلم، والمنطق وباسم الدين؟!.
تجنبوا أن يكون الدين ومحمد وآل محمد مطيّة لأفكاركم المتشددة، وكونوا سفراء لمحمد وآل محمد ولمراجعكم، وللمنبر الحسيني.
الحسين هو أكبر جامعة ثقافية تدرّسُ طلابها - في كل مكان - الدينَ والخلقَ والعلمَ والحبَّ والفضيلةَ؛ ولكن بعد أن تَبني أفكارهم وعقولهم بشذرات وبذور محمدية تُكوِّن اللّبنات الأساسية في العقول البشرية.
حاذروا أن تسلبوا الناس عقولهم بتأجيج العواطف، واستثارة المشاعر، وتحريك الأحاسيس الراكدة في النفوس على حساب الأسمى والأهم، فآل محمدٍ عِبرَة قبل أن يكونوا عَبرَة. إن محمدا وآله مدارس حياة للإنسانية قاطبة وليسوا صوامع موت.
أحيوا ذكر محمد وآل محمد بقلوبكم وأرواحكم قبل أجسامكم، واحموا أبناء علي من جائحة كورونا التي إن تفشت لن تبقي ولن تذر.
الحمد لله الذي سدّد عقول رجالات القطيف وأهل الحل والعقد فيها ومسؤولي المآتم الحسينية، وجعلهم طائعين للعلماء الأفاضل وللأطباء والمختصين، مستشعرين لدور الجهات المسؤولة في حفظ أرواح الناس، مدركين خطورة المرحلة وحيثياتها غير المحدودة، والذين أجّلوا إحياء مناسبات آل محمد حتى زوال الخطر المحدق بالبشرية.