نظرة إلى تجربة «ووهان الصينية» التطوعية في مواجهة فيروس كورونا
”أثق بأننا سنحقق النجاح في مكافحة الوباء، ولكن بعض الطلبة الوافدين يشعرون بالخوف لأنهم شباب بعمر 18 أو 19 عاما فقط، ويجب علي رعايتهم مثل أخيهم الكبير بالرغم من الرعاية الكبيرة التي توفرها لهم الجامعات هنا“، ”أولاً، أنا طبيب، وثانيا أفهم اللغة العربية والصينية والإنجليزية. يمكنني المساعدة في علاج المرضى أو تسجيل المعلومات أو نقل الأشياء، يمكنني القيام بالكثير من الأشياء“، هذا ما نقلته جريدة الشعب الصينية عن المواطن العربي الذي يعيش في مدينة وهان الصينية الذي أنشأ موقع ويتشات لنشر الأرشادات والتعليمات للوقاية من فيروس كورونا، وقال مواطن عربي فهد الطويلي، وهو يحضر ماجستير في جامعة الصين لعلوم الأرض بمدينة ووهان ”سجلت في هذا العمل لكي أرد الجميل للشعب الصيني الطيب، لما لمسته من طيبة قلوبهم وتعاملهم الراقي معي خلال العمل“، هذه المشاعر التي عبر بها بعض العرب الساكنين بالصين تجارة ودراسة في أزمة وباء تعتبر جديدة على الصين والعالم.
بدون شك الجانب الرسمي والحكومي بكل دولة هو القادر على التخطيط والتنظيم لمواجهة الأزمات الصحية، لكن للجانب الاجتماعي والتطوعي تأثير كبير في المساعدة والتعاون إذا كان المجتمع يدرك أهمية الأجتماعي والتطوع.
ولأهمية الخدمات الصحية والعمليات التطوعية المساندة في مدينة ووهان للسيطرة على انتشار فيروس كورونا الجديد، عدد سكان ووهان أكثر 11 مليون نسمة، تضم هذه المدينة نقل عام استراتيجي يربط ووهان بعدة مدن، وتشمل على 7 مستشفيات كبرى، ومنها مستشفى يونغ جي يعتبر ثالث مستشفى بالخدمة على مستوى العالم، و6 مستشفيات مساندة و61 عيادة خاصة، صنفت مدينة ووهان 2014، أنها من ضمن أفضل 6 مدن صينية التي تقدم خدمات طبية بعد بكين وشنغهاي، ونسبة الأسرة بالمستشفيات 5,61، و8,3طبيب لكل 1000 شخص، أصيب أكثر من 80750 مصاب، و3136 وفاة بالصين معظمها في مدينة ووهان.
التطوع هو القطاع الثالث الذي يسد القصور بحالات الطوارئ ويهدف لأكمال النقص في الخدمات الصحية والتنظيمية والإدارية.
التطوع من أهم العوامل في علاج المشاكل والقضايا وتتضح معاني التطوع ماديا ومعنويا كلما زادت الأزمات وتصعبت الظروف الحياتية على المجتمع، فالتطوع هو الفعل البشري المترجم لثقافة ووعي ومشاعر الإنسان ومدى استجابته لاحتياجات ومطالب المجتمع.
في الأزمات والطوارئ تتحرك المشاعر ويزداد الحماس للتطوع والمساعدة، وتبرز القيم الاجتماعية والإنسانية بل تتحول إلى واجب اجتماعي ووطني.
دوافع التطوع في حالات الأزمات والطوارئ تزيد وتدفع بالمتطوعين إلى الحماس والإخلاص، خصوصا في حالة فيروس كورونا الجديد وللأسباب التالية:
1 - الخطر يشمل الجميع
2 - التطوع والمساعدة تشمل عدة قطاعات
3 - تبرز مشاكل ونواقص جديدة بحالات الطوارئ
4 - يرتفع مستوى التنسيق وإدارة الإشراف مع اتساع المساحة
5 - ترتفع التكلفة المالية وحجم الجهد
6 - تتطلب عدة تخصصات علمية وهندسية وإدارية بالتعاون والتنسيق
من هذه الأسباب والدوافع للتطوع نذكر بعض أهم المواقف التي سجلت في السيطرة على تفشي فيروس كورونا بمدينة ووهان:
* إقامة مستشفى ميداني تطلب جهود تطوعية مهنية متخصصة بالأنشاء والصحة
* المتطوعون انشأوا سلاسل توريدات لوجستية للتبرعات النقدية والعينية
* امرأة استأجرت طائرة هليكوبتر لتوزيع الامدادات والمساعدات
* مجموعة من الصينيين في دول العالم عملوا سوق أمدادات بواسطة الأنترنت تربط الداعمين المحتملين بالشركات التي تزود بالخدمات الطبية نسقوا بين 50 شركة مانحة مع موردين محليين
* التأكد وفحص أنواع المساعدات الطبية والصحية ومطابقتها للمواصفات المطلوبة
* متطوعون ينتظرون عند الصيدليات لمنح الأدوية التي يحتاجوها المرضى
* إيواء أكثر من 6000 فرد من الطاقم الطبي والصحي في فنادق خاصة للتطوع
* الأهم بالأمر وعي المجتمع وإداركه لخطورة الفيروس الذي يستوجب التضامن والتعاون والتطوع.
تجربة مدينة ووهان الصينية تستحق الدراسة والتحليل من قبل المتخصصين صحيا وإداريا، وبأوطاننا الخليجية والعربية، التطوع أكثر أصالة يشجع عليه الدين أجرا وثوابا وتحركه العادات والتقاليد والموروث الاجتماعي.