آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

«نسيم حبتور» حينما بكى القلم

سراج علي أبو السعود * صحيفة الرأي السعودي

مع إخوته والأطفال كانت السعادة تغمرهم جميعًا وهم يلعبون بكل براءة في كورنيش الدمام، هناك كانت أمه تتأمله جيدًا وهو ذو العام والنصف، وهناك كانت عيونٌ متربصة تخبئ أمرًا مريبًا وبداية للفصل الأول من الرواية المفجعة لعذاب أسرته.

هكذا كانت الغفلة كافية وفي لحظات قليلة جدًا لاختطافه في العام 1996م، فزعت الأُم فزعًا شديدًا، راحت تنادي وتلهث في البحث والنداء والجري هنا وهناك، ذهبت لبقالة رأت في قربها بارقة أمل لرؤية ابنها، هناك سألت البائع إن كان قد رأى طفلها، كان الجواب صادمًا، نعم رأيته بيد رجل وامرأة ذواتَي بشرة سمراء أتيًا به إلى هنا لشراء حلويات تسكن بكاءه، ولكن الطفل بقي يبكي بشكل هستيري وبشكل مثير للانتباه، سألتُهما عن سبب بكائه الغريب، فأجاب الرجل الخاطف ببراءة الذئب: إنه طفل ضائع، فقلت لهما اذهبا به إلى الشرطة، هكذا ذهب الخاطفان به لمواقف السيارات واختفيا تمامًا معه.

كانت الأُم تسمع رواية البائع، حينها فقط اسودت الدنيا في عينيها وانهارت تمامًا، هناك فقط تيقنت أن ابنها قد خُطف، وهناك فقط تأكدت أن ليالي سوداء قد أقبلت عليها وستعيش الألم والعذاب والحسرة إلى أجلٍ غير مسمى.

كتبت والدة الطفل اليمني المختطف نسيم نوري حبتور في دفترها في 19/09/1999م: «يعلم الله يا ابني أنني أتألم بعدَ فراقك، خاطفوك لا يعلمون أن صوتك إلى الآن في مسمعي، لا يعلمون أن ضحكتك تراودني كل حين، ما زلت أحتفظ وسأظل محافظة بكل شيء يتعلق بك، تدمع عيني وتزداد نبضات قلبي أمام والدك وإخوتك، أتظاهر بالقوة أمامهم وقلبي يتقطع ألمًا، فقط في نومي فرصتي يا ابني لبكائك دون أن يسمعني أحد».

هكذا كانت والدة نسيم حبتور تتقطع ألمًا كل يوم حسرةً على ابنها، وهناك في جزءٍ ما يقبع هذا الشاب بين يدي خاطفيه وهو لا يعلم من هو، ومن هي أسرته الحقيقية، بارقة أمل تلألأت في عيني والديه حينما تم القبض على سيدة تؤوي ثلاثة أطفال مختطفين منذ ما يزيد عن العشرين عامًا في الدمام.

والأمل أن تمتلك هذه المرأة خيطًا يوصل إلى الطفل المختطف «نسيم»، وإلى أن تتكشف الحقيقة فإنَّ المجتمع السعودي الفرح برجوع الشبان الثلاثة المختطفين إلى أهاليهم، يعيش حالة من الترقب والحزن للآلام التي تعيشها أسرة نسيم حبتور - فرج الله عنه - وينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تستطيع فيه الجهات الأمنية كشف مصير هذا الشاب المختطف.

كان نوري حبتور والد نسيم من أوائل الذين باركوا لعلي الخنيزي والد الطفل المختطف موسى رجوعه إلى ذويه بعد عشرين عامًا من الفراق، هناك تلاقت عينا الرجلين، إحداهما تغمرها سعادة لا توصف، والأخرى تمتلئ بدموع الحسرة والوجع على ابنها المختطف، كل الدعاء والأمنيات للمؤسسات الأمنية في بلادنا للوصول إلى الطفل نسيم وإعادته إلى ذويه، وسيبقى المجتمع السعودي بأسره مترقبًا لهذه اللحظة السعيدة وسيحتفل - بلا شك - مع أسرته بهذا الرجوع القريب إن شاء الله.