صياح ديك في حينا
استيقظت ليلا على صياح الديك وابتسمت تلقائيا لأنني منذ زمن طويل لم أسمع هذا الصوت.
فأي جار لنا يربي ويرعى ديكا عنده؟ وهل هذا الديك احسائي الأصل والمنشأ أم أنه مستورد من خارج المنطقة؟
وكان من عادتي الاستيقاظ في هذا الوقت عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل للخروج لدورة المياه حيث أنه من تجاوز عمره نصف قرن تبدأ آثار كبر السن عليه ككثرة التبول وعدم الاستغراق في النوم والانتباه لكل شاردة وواردة في ظلام الليل البهيم.
توجهت إلى دورة المياه وقد كان صياح الديك كأنه حلم جميل يثبت بصوته أوجوده في حينا ذكرت الله وحمدته لأنه يذكرنا في هذا الوقت بالله والتهجد والدعاء ونحن في موسم العبادة شهر رجب الأصب.
الذي تصب فيه الرحمة وهو من الأشهر الحرم..
وبعد قضاء الحاجة سمعت صوت الديك للمرة الثالثة وجددت الوضوء وكلما صاح الديك ذكرت الله مسبحا ومهللا.
خرجت من دورة المياه متوجها إلى غرفة النوم واذا بي أرى السجادة مفروشة وعليها مسباح فسفوري كنت إذا انتهيت من الصلاة أتركه على شكل قلب ولما رأيته رقت عيني وجرت دمعتي وقلت ينبهك الديك والجرس الليلي للتبول الذي يباغتك كل ساعتين او أكثر أليس هذا منبها ام جرس إنذار لتؤدي ركعات في جوف الليل لا تاخذ منك إلا القليل من الوقت ثم لفت نظري التربة حسينية الموضوعة على السجادة فقلت ربما تريد مني أن احملها وأن أسارع لأكبر تكبيرة الإحرام وأسجد عليها وأعرج بروحي إلى الخالق الذي يذكرني بأني خلقت من التراب وسأعود إليه.
وكلما تقدمت خطوة من السجادة كانت هناك قوة أكبر وهمسات شيطانية تدعوني للنوم وللفراش الوثير وبالعمل الكثير الذي يحتاج إلى التركيز والانتباه.
كم قوة تجذبنا وتجعلنا أسرى للهوى والغريزة أو للتعلق برحمة الله وطلب المغفرة والرحمة والتوبة على كل تقصير وحمد الله على كل نعمة.
وبعد ذلك تذكرت آيات القرآن الكريم من سورة غافر
﴿إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لََٔاتية لَّا رَيبَ فِيها وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يؤۡمِنُونَ وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِىۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِى سَيدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِتَسۡكُنُوا۟ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يشۡكُرُونَ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ خَٰلِقُ كُلِّ شَىۡءࣲ لَّاۤ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ كَذَ ٰلِكَ يؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُوا۟ بَِٔايتِ ٱللَّهِ يجۡحَدُونَ﴾. [سورة غافر 59 - 63]
وبعد هذه الآيات التي تدق جرس التنبيه هل من متعظ ومعتبر أو تائب الى الله؟ وهل من تغيير واستغلال للوقت بشهر رجب وبعده شعبان لكي نلتقي بشهر رمضان المبارك وقد صفت القلوب والأرواح وبدأت العروج نحو تزكية النفس؟.
نسأل الله قبول الأعمال والتوبة وأن يبدأ التغيير اليوم قبل الغد ومن هذا الوقت قبل فوات الأوان.