إدارة رأس المال الاجتماعي
يعتبر رأس المال الأجتماعي social capital من المواضيع الجديدة خصوصا في الثقافة العربية، فكل ما كتب بالعربي هي ترجمات من الثقافة الإدارية الأمريكية والأوروبية، رأس المال الأجتماعي مفهوم منبثق من رأس المال البشري الذي اشبع بحثا ودراسة يجمع ما بين الإدارة وعلم الأجتماع.
أول من تطرق إلى رأس المال الاجتماعي بالمعنى الحديث المتداول ليدا هانيفان عند إشارته في تأثير المجتمع بتحسين أداء المدرسة وعدد عناصر رأس المال الاجتماعي مثل العطف، الاتصال الاجتماعي بين الأفراد والعوائل، النية الحسنة، والعلاقات.
لكن بيير بوروديو فرق بين ثلاثة أنواع من رأس المال: «الاقتصادي والثقافي والاجتماعي» وأكتمل التعريف من خلال عالم الاجتماع الأمريكي جيمس كولمان عرفه بشكل دقيق في 1994 من القرن الماضي حين قسم إلى رأس مال الذي قصد به بمثابة عناصر الإنتاج والجزء الثاني اجتماعي الذي يعني به كل النشاطات والأعمال والعلاقات الاجتماعية على شكل هيئات ومنظمات، وتعمق روبرت بوتنام في مفهوم رأس المال الاجتماعي وحدد معاييره مثل الثقة والتعاون والتنسيق والأنشطة وتبادل المنفعة الاجتماعية، فيعرف روبرت بوتنام رأس المال الأجتماعي هو ”إمكانية اكتساب الأفراد والجماعات للموارد نتيجة اتصال بعضهم بالآخر مع إمكانية استخدام تلك الموارد لإنتاج سلع معينة، وهو يدوم على المدى الطويل ويعيد تأكيد نفسه تحت ظروف مناسبة ويمكن أن يزداد مع الاستخدام ويتناقص مع قلة الاستخدام“.
ويقصد برأس المال الاجتماعي كما عرفه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ”مجموعة العلاقات والروابط الاجتماعية التي تنمو في إطار شبكة اجتماعية معينة تحكمها عدد من القيم والمعايير كالثقة والاحترام المتبادل والالتزام والتعاون“.
ويقول فوكوياما في كتابه الثقة ”ينتقل رأس المال الاجتماعي عبر آليات ثقافية متعددة، مثل الدين والتقاليد، والأعراف، والعادات التاريخية، ومن ثمّ، لايمكن اكتسابه بطرائق اكتساب رأس المال البشري نفسها، وهو الذي يتم في الغالب عبر العقود الرسمية. فإذا كان هذا الأخير يمكن اكتسابه عن طريق قرار استثماري عقلاني“.
من التعاريف السابقة نفهم أن رأس المال الاجتماعي هو تحول الأفراد ذوي الخبرات إلى طاقات فاعلة بالمجتمع بواسطة شبكة من العلاقات المشتركة المبنية على الثقة والتواصل والأنسحام والعمل الجماعي المفيد لتقوية الترابط والتنمية الاجتماعية.
رأس المال الاجتماعي مفهوم جديد تطور من رأس المال البشري ويمكن معرفة قيمته بالمجتمع من خلال ما يحتويه من مفاهيم:
- نسبة الثقة بين أفراد المجتمع
- فاعلية العلاقات بين اعضاء المجتمع الفاعلين
- عدد المؤسسات الاجتماعية والتنموية في المجتمع
- الشراكة الاجتماعية بين مؤسسات ولجان المجتمع
- الشبكات والعلاقات والتفاعلات المنظمة بين الأفراد.
أذن يكتسب الفرد صفة أنه من ضمن رأس المال الاجتماعي حين تفاعله ومساهمته في الجمعيات واللجان والمنظمات الاجتماعية، تقول ساندرا فرانك عن رأس المال الاجتماعي ”يرتبط بالمشاركة الاجتماعية والمدنية وشبكات التضامن والتعاون“.
ويحدد فوكوياما رأس المال الأجتماعي بشروط ومعايير ”الالتزام بالمعايير الأخلاقية للمجتمع، كما يتطلب اكتساب جملة من الفضائل الأخلاقية مثل الإخلاص والأمانة والجدارة بالثقة. إضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر تبني الجماعة لجملة من المعايير المشتركة قبل تعميم الثقة بين أعضائها، فتقاسم القيم والمعايير غير كاف لنشوء رأس المال الاجتماعي، إذ يتطلب الأمر تضمّن هذه المعايير فضائل اجتماعية، كالصدق والوفاء بالعهد“.
رأس المال الأجتماعي مبني على الثقة والترابط بين الناس خصوصا خبراته وتجاربه ويبدأ من العائلة التي ترسخ قيم التكافل والتضامن والصدق والأخلاص والأمانة التي يكتسبها الفرد من الدين والعادات والتقاليد الأجتماعية.
آثار ونتائج رأس المال الأجتماعي الأيجابية تنعكس على المجتمع عندما يفعل اعضاءه وعناصره في مؤسسات ومنظمات أجتماعية.