هدفك يستحق التركيز
لكل إنسان فرصة في الحياة كي يرتقي بنفسه، ويتقدم بالتدريج نحو نُسخة مطورة من ذاته، نُسخة تنتقل به نحو مرحلة معيشية ومجتمعية ومادية أفضل من المرحلة التي يقف عندها الآن، ورغم ما يتطلبه الوصول إلى تلك النسخة المُطورة من إيمان عميق بالذات، ومجهود هائل في التعلم والعمل، وتضحيات بالوقت والمال مهما كان قليلاً لا سيما في البدايات، إلا أن هذا الهدف ليس مُستحيلاً، والعامل المُشترك بين كُل من حققوا تلك القفزات التي تبدو لنا مُبهرة هو الرغبة العارمة والشغف الصادق بما يطمحون لتحقيقه، بحيث يبدو لهم الأمر مثل تذكرة ذهاب بلا عودة في اتجاه واحد نحو النجاح المنشود.
كل شخص قادر على فعل ذلك بالتدريج إذا دفع الثمن، كُل شخص مهما بدا لك تافهًا أو فاشلاً أو عاجزًا أو أقل من مستوى توقعات المُحيطين به. للكون الذي نعيش فيه قوانينه التي تحفظ اتزانه، وتلك القوانين لا يُهمها الماضي فيما يتعلق بتحقيق أهداف الإنسان، بل يُهمها اليوم.. هل أبلى فلان اليوم بلاءً حسنًا وفعل ما يستحق تقريبه نحو هدفه؟ حسنًا؛ غدًا سنفتح له بابًا جديدًا يُقربه نحو مُبتغاه أسرع. هل صعد فلان اليوم درجة؟ حسنًا؛ غدًا سيرى أمامه درجة جديدة من درجات السلم نحو هدفه، وسنرى إن كان ينتهز الفرصة ويصعد عليها لنتيح له درجة جديدة بعد غدٍ أم لا.. هكذا تسير الأمور. فات موعد ركوبك أحد القطارات؟ هناك رحلات أخرى قادمة بانتظارك إذا استفدت من دروس الحياة السابقة وتجنبت تلك الأخطاء التي ماتت وسينساها الآخرون بعد زمن.
بعض البشر من ذوي الوعي المُنخفض والأفق الضيق والتجارب الضئيلة يندهشون إذا صادفوا شخصًا كانوا ذات يوم يحتقرونه باعتباره أقل منهم علمًا أو مالاً أو ذكاءًا، وبعد غياب أعوام صار أرفع منهم في المنزلة المُجتمعية والمعرفية والمادية، فيُفتضح فساد معدنهم المعجون بالحقد والخسة والحسد ودناءة النفس، ويسعون لمُحاربته، الانتقاص من شأنه، أو تشويه سُمعته، لكن آثار تلك الجهود التخريبية غالبًا ما تكون محدودة بوقتٍ قصير غير مستمر، خصوصًا حين يكون ذاك الإنسان مُفعمًا بالطاقة والثقة، مهتمًا بعدم تشتيت تركيزه عن هدفه في اتجاهات أخرى لا تخدم رسالته في الحياة.
إن كَبار الفنانين، والمُبدعين، والعُلماء، والمُخترعين الذين ننبهر اليوم أمام ما قدموه من أعمالٍ عظيمة وهبت لحياتنا اليومية الفائدة ولأرواحنا البهجة يجمع بينهم حصر تركيزهم نحو هدفهم الأساسي وحده، وفي زمننا الذي يمتاز بكثرة المُلهِيات والمُشتِتات؛ على كُل صاحب هدف أن يكون أكثر وعيًا وانتباهًا لتلك المسألة كي لا تنزلق خيوط اللعبة من بين يديه، ويتبدد الحلم.