الكلاب الضَّالة ضرر وذعر!
في مشهد غير مألوف، يغرس أوتاد الألم، ويفتت المشاعر الإنسانية حين مشاهدته، كانت صورة موجعة، في حي التلال بحفر الباطن، تلك الطفلة البريئة، والتي سقطت فريسة لأحد الكلاب الضالة، ولم تنجو هذه الضحية من فرائسه إلا بعد إصابتها بجروح ليست بالسطحية، في رأسها وكذلك في جزء من وجهها، ويتكرر هذا الحدث في مناطق عدّة والضحايا بمختلف الأعمار، رغم أن النسبة العليا كانت من نصيب الأطفال.
ففي الآونة الأخيرة، لوحظ استشراء ظاهرة انتشار كلاب الشوارع، وبصورة ملفتة ومزعجة جدًا، سواء كانوا على هيئة مجموعات أو متفرقين في أماكن مختلفة.
ولا يخفى علينا كمواطنين دور الأمانات والمتمثلة في إداراتها المختصة وكذلك بلدياتها الفرعية، والتي تسعى بجهد حثيث لمكافحة هذه الظاهرة التي تسببت في نشر الخوف بين الناس وعطلت حركتهم الاعتيادية إذ يضطرون في كثير من الأحيان لملازمة منازلهم وعدم الخروج تحاشيًا لتعرضهم وعوائلهم - خاصةً الأطفال - للأذى من هذه الحيوانات، فبالإضافة للأذى الجسدي والذعر النفسي، فهناك أمراض خطيرة قد تنتقل فيصاب بها الأهالي الذين يقطنون أو يرتادون تلك المناطق التي ترتادها تلك المجموعات من الكلاب المشردة، ومن هذه الأمراض «البروسيلا» وهو إجهاض المرأة الحامل بشكل متكرر، والطفيليات مثل طفيل الحويصلات الهوائية والمائية بالإضافة لمرض السُعار الفيروسي والذي يتسبب في التهاب حاد في الدماغ، ومن المعروف أنه ينتقل عن طريق العض في حال كان الكلب مصابًا.
وبالرغم من الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة، إلا أن الأمر يحتاج إلى توسيع دائرة التكاتف في عقد التعاون بين الوزارات وجهات أخرى لمعالجة الأمر مثل وزارة البيئة والمياه والزراعة، وأيضًا وزارة الشؤون البلدية والقروية، بالإضافة لوزارة الصحة، وتأكيدًا على مبدأ الشراكة المجتمعية، لا يمكننا إلغاء الدور الحيوي للمواطنين سواء بالتبليغ وإدلاء المعلومات وكذلك الالتزام بالتوجيهات للمساهمة في نجاح عملية تضييق دائرة الانتشار وللوصول للسبل الممكنة لاحتوائها وإيجاد الحلول والعلاج الدائم وليس الوقتي، كإعادة توطين الكلاب الضالة في محمية خاصة وتدريبها سلوكيًا لتتحول لكلاب أليفة من خلال برامج التدريب المتخصصة على يد متخصصين، كما يطبق ذلك في الدول المتقدمة، إذ يُستفاد منها في الحراسة ومهام أخرى، ولأن الكلاب المشردة تمتلك حاسة شم عالية فيمكن لبعض الوزارات كوزارة الداخلية استخدامها بعد عملية التدريب والتأهيل المتخصص ككاشفات لبعض الممنوعات في نقاط التفتيش، وكذلك الاستفادة من هذه الكلاب المشردة في إجراء الأبحاث العلمية، ولا شك أن هناك نماذج لتجارب دول كثيرة يمكن الاستفادة منها.
ومن الاقتراحات الطريفة والغريبة، نقلًا عن موقع «فيتو» صرح عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين السابق الدكتور المصري تامر سمير، أن جمهورية مصر العربية، يمكنها كسب مبلغ طائل، وقَدّرهُ عشرة ملايين جنيه مصري كدخل سنوي من تصدير الكلاب الضالة للدول التي تأكل لحومها مثل كوريا، وبعيدًا عن غرابة هذا الاقتراح نستحضر أنَّه لم تقتصر النّصوص الشّرعية على الوصية بحيوان معيّن دون غيره، ولا في وقت خاص وزمن بعينه، فالرحمة والرفق قيمة إنسانية عليا.