آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

ارتياح «أرامكو»

سلمى بوخمسين صحيفة الرأي السعودي

بالأمس حين يممت بسيارتي ناحية الظهران كنت أقودها على وجل، كيف لا وأنا محاطة بسائقي «الرالي» و«الفرميولا ون» ومعتمدي نظام خبط عشواء المتحركين في خطوط متعرجة مجنونة.

ولكن كل ذلك التأهب والقلق خلف المقود تلاشى تمامًا بعد اجتيازي بوابة «أرامكو» وانتقالي إلى الضفة الأخرى من هذا البلد، حيث العشب أكثر خضرة كما تقول والدتي، فهناك داخل أسوار «أرامكو» أقود مطمئنة واثقةً من قيادتي وقيادة كل من حولي، هناك أتنفس الصعداء وأسترخي في مقعدي الوثير وأنساب بهدوء على طرقاتها الجميلة.

في تلك اللحظة تمنيت لو أن كل شوارع بلادي تتحلى بالانضباط ذاته واتباع القوانين المرورية، وكيف من الممكن لذلك أن يشعر الجميع بالأمان والراحة، تمنيت لو أن كل الشعب له خصال موظفي أرامكو.

هنا قفزت لذاكرتي مقالة صديقتي رائدة السبع «اكتئاب أرامكو»، وكيف ظنت أن موظفي الشركة المساكين مبرمجون على الجدية والرتابة المملة المؤدية إلى الاكتئاب.

أظن أنها المرة الأولى التي أخالف صديقتي العزيزة الرأي، وأرى أنها وقعت في لبس بين الرتابة «التي لا أخالفها على ارتباطها بالملل والكآبة» وبين الانضباط، فنحن «ترباية أرامكو» نجتمع على احترام النظام والدقة في المواعيد والاحترافية وهذا ما يشهد به الجميع، أما الرتابة فتهمة باطلة يردها العديد من المبدعين والشعراء والأدباء والفكاهيين والفنانين والرياضيين من أبناء هذه الشركة.

ولعلي أكتفي بذكر بعض الأمثلة، فعبداللطيف بن يوسف مثلًا شاعر خارج الزمان والمكان ومحمد العيسى بطل الخطبة الفكاهية على مستوى المنطقة لست مرات وهناك طبعًا أنا، صديقتك التي تتقاسم معك الضحكات والمرح والقليل من الجنون.

في الحقيقة، لم أكتب هذ المقالة دفاعًا عن زملائي بل لدحض السمعة السيئة المرتبطة بسيطرة القوانين الواضحة والانضباط، فوضوح النظام وتطبيقه على مستوى الدول هو الفارق بين دولة آمنة، نظيفة، تحافظ على الإنسان والبيئة والمنشآت وبين دولة أخرى تتخبط بعيدًا عن ذلك، فوجود أنظمة صارمة يعني وجود تحرش أقل، عنف أسري أقل، جرائم أقل، مدن نظيفة، شوارع آمنة، وو و.

لله الحمد أن مملكتنا العظيمة تتجه اليوم في الاتجاه الصحيح بسن المزيد من القوانين الرادعة التي من شأنها أن ترتقي بالبلاد والعباد، وقريبًا جدًا كما آمل وأدعو وأتمنى لن أشعر بفرق بين داخل أسوار «أرامكو» وخارجها.