أمّا قَبْل..
في هذه الأيام التي توفر منصّات التواصل الاجتماعي فرص التواصل لمرتاديها بعدّة صور وعبر أكثر من نمط، فإنّ نسبة من النساء تلجأ لهذه الوسائل الإلكترونية للبحث عن حلّ يعالج مشكلة تواجهها أحدهنّ مع زوجها أو مع أسرتها أو نحو ذلك.
ولعلّ ثمّة انطباقًا عمليًا حينئذ للمثل الشعبي القائل «اربط إصبعك، والكل سيصف لك دواء» إذ بعض تلك المنصات تُعدّ مضمارًا يتسابق فيه الجميع، وكأنّه سباق الضاحية الذي يمر بالأحياء والأرياف، لتجد هنا مصفّقين، وهناك مصوّتين، وبين ذلك وذاك بعضًا من المشاهد التي تبين نوعًا تفاعليًا، إيجابيًا أو سلبيًا.
ما يثقل المؤونة هنا، تجسّد في حوار تلفزيوني بإحدى الفضائيات العربية، ظهر فيها الضيف، أما مقدّمة البرنامج، التي سألت ضيفها عن رأيه في المرأة، وإذا بالضيف ينفجر كالبركان الذي تفور حممه دون هوادة موزعًا أقسى الأوصاف وأعنفها في وصفه للمرأة، أيّ امرأة، أمام صدمة أصابت المذيعة، ولم تلتقط أنفاسها إلا بعد لحظات تطاول فيها الضيف، وكأنّه شخص سايكوباتي، بلُغَةٍ خارج حدود اللياقة الإنسانية ومعايير القيم الأخلاقية.
أمّا قبل، فلماذا تؤكد المؤشرات الإحصائية ارتفاع نسب الخلافات الأسرية التي قد تزداد حالة المواجهة فيها إلى أقصى درجات العنف اللفظي أو الجسدي أو كلاهما؟.
ولماذا تزداد نسب الطلاق لتسجّل معدلات مرعبة وكاشفة عن حجم الهشاشة التي يتعرض لها الجسم الأسري في مجتمعاتنا المعاصرة؟.
ولماذا تلجأ بعض النساء للبحث عن حلول لدى وسائل تواصل تسمى ب «الاجتماعي» ولكنها قد تكون وسيلة للتفريق ومزيد من المشاكل فيما لا تزال كثيرات منهنّ بحاجة للبرامج الأسرية الرسمية التي يجب أن توسع دائرة التواصل مع هذه الحالات العائلية؟.
على مجلس الشورى الموقر دراسة بعض العينات العشوائية لنماذج من الخلافات الأسرية، ورفد الميدان الاجتماعي بفعاليات وبرامج مباشرة وذات تفاعل مباشر يحافظ على خصوصية الفرد والعائلة ويمنع الاستغلال الإعلامي الذي يتبني منهج نشر الغسيل وأدوات الصحافة الصفراء، خصوصًا بعد توسع الصحف الإلكترونية والمنصّات الاجتماعية التي قد يكون في طريقة طرح مثل هذه القضايا الأسرية الكثير من التعقيد للمشكلة أكثر من الحلّ لها.
في حين قد تمثّل بعض تطبيقات التواصل الاجتماعي المرئي، مثل «السناب شات» وغيرها، وسائل تدّعي بامتلاك الحلول وتقديم الاستشارات الأسرية، في ممارسات مرتجلة، وتستدعي وضع ضوابط تتكفل بمنح رخص تقديم مثل هذه الاستشارات وما يماثلها.
الأبناء ومستقبلهم وصحتهم النفسية هم أكثر ضحايا الخلافات بين الزوجين، وبخسارتهم نفقد مشاركتهم الفاعلة في البناء والعطاء، كما تتقلص القدرة الإنتاجية ضمن مفردات المورد البشريّ كأهمّ رأس مال لكلّ بلد، كما أنّ زيادة مشكلة التفكك الأسري هو تفكك للمجتمع، إذ أن تفكك الأجزاء يتحول إلى تفكك الكلّ.