من أنا؟ بين الثابت والمتغير
سؤال الهوية الذاتية: من أنا؟، تطبيق جلي على تعدد الهويات بداخل الفرد الواحد وازدواجيتها وصعوبة الفصل بينها، فكيف يمكننا تقليل هذا التشابك والتعقيد للوصول إلى هوية واضحة بعد تصفيتها من الشوائب والعوالق؟.
نحن الآن أمام ملاحظة للإنسان وتحولاته على مدى فترات زمنية تحمل معها ظروفًا دافعة لتكرار السؤال: من أنا؟ أجزم أن جميعنا عندما نواجه أنفسنا في المرآة نرى لها شقين من انعكاس الهوية الذاتية: شق المتغيرات التي تدعم تغير القيم والأفكار والقناعات، ما ينعكس واضحًا على السلوكيات والتفاعلات الظاهرية، وهنا يمكننا اعتبار هذه الحالة تغيير في «أنانا»، فأنا اليوم لا أشبه أنا الأمس.
ولمزيد من الشفافية، صارحني أحد الأقارب بسؤال تقريري قائلًا: هل تتذكرين نفسكِ قبل اثني عشر عامًا؟ لقد تغيرتِ! الحقيقة أنني فعلًا تغيرت، لقد كنت أنظر لعملية التغيير أنها هشاشة في الفكر والقناعات، ولكني أصبحت الآن قادرة على التفريق وتصنيف التغيير الناتج عن هشاشة أم مرونة وقوة.
الشق الثاني، هو شق الثوابت الهوياتية، روح الإنسان وخامتها الخالصة، فبحسب مقياس بيركمان للشخصية هناك احتياجات خفية للشخصية، وهناك سلوك توتر، على سبيل المثال: احتياجك للبيئة الصحية والمثالية عالٍ، فلن تكن يومًا ما شخصًا مُفسدًا، ولكن عندما تتعرض لضغط ساخن يوترك فقد يتغير سلوكك مؤقتًا، وسرعان ما يعود لطبيعته المتصالحة.
هكذا يمكن اعتبار هويتك ثابتة لأنها لم تنسف قيمة لتضع لها بديلًا دائمًا، وهذا لا يعني كمالك وعدم ارتكابك للأخطاء، إنما طغيان قيمة معينة تلازمك وتمثلك دائمًا.
أعتقد أن اللبنة الأولى لفهم الهوية هي مرحلة فصل الثوابت والمتغيرات، فالثاني داعمنا لاستمرار البحث والتعرف على مصادر مختلفة تضعنا في حالة من النشاط الفكري والمعرفي والسلوكي، أما الجانب الأول «الثوابت الهوياتية» فتبقى كصمامات أمان لثبات علاقتنا بالإنسان والأشياء من حولنا.
فحالة القلق المفرط من احتمال التغيير قد تربك علاقتنا بشكل عام، كما ركوننا لحالة الثبات تحت كل الظروف دليل على الجمود الذي لا يتناسب مع تقادم الزمن، وبالتالي خيارنا المتوازن هو التفريق والتوسط، فهل استوفى الإجابة؟.