آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

الفساد أساس الخراب

جعفر الشايب * صحيفة الرأي السعودي

الفساد صغيره وكبيره - حسب التعريفات المعتمدة - يقود دومًا إلى المزيد من الخراب والتآكل في المجتمعات والأنظمة، وهو الحالة الأبرز التي تدفع المجتمعات إلى الاعتراض والمواجهة والمطالبة بالإصلاح كونه يمس عصب حياة الناس ويؤثر عليها من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.

ولعل ما نراه في هذه اللحظة التاريخية من اعتراض شعبي واسع في مختلف الدول العربية - كالعراق ولبنان حاليًا والسودان سابقًا - يعبر عن حجم وسعة حالة الاستياء والتمرد التي تنتج عن الاستمراء في الفساد وانتشاره في مؤسسات الدولة.

عندما يرى الناس أن قوت يومها يسرق أمام أعينها لمصلحة فئة محدودة تستأثر بالمال العام على حساب بقية أفراد المجتمع التي يعاني معظمها حالة الفقر والعوز وعدم التمكن من تغطية الالتزامات الحياتية الأولية، فإن ذلك بالطبع يقود إلى مثل هذه الحالة من التعبير الساخط على سوء توزيع الثروة وغياب العدالة الاجتماعية.

كشفت الأحداث الجارية في منطقتنا العربية عن ثروات هائلة تعادل ميزانيات دول بكاملها، استحوذت عليها مجموعة تهيمن على السلطة، ومن حولها من الأتباع، وتمكنت من الاستيلاء على مقدرات مواطنيها ومررت الصفقات الكبيرة على المقربين منها، لكي يستفيدوا من عوائدها في مجالات الأسلحة والنفط والاتصالات والمقاولات والمشروعات الكبرى، كل ذلك على حساب التنافسية والشفافية والتوزيع العادل للثروة.

ولأن مشكلة الفساد تنخر في وسط المجتمعات العالمية كلها على اختلاف مستوياتها من دولة لأخرى، فقد أصبحت مشكلة عالمية ووضعت من أجلها العديد من المعالجات القانونية والآليات التنظيمية التي تساهم في الحد من هذه الظاهرة ومحاولة القصاء عليها أو التخفيف من آثارها المروعة.

وانطلقت مبادرات برلمانية ورسمية وأهلية عبر مؤسسات المجتمع المدني لملاحقة الفاسدين والتوعية بقضايا الفساد وآثاره المدمرة واقتراح مبادرات وبرامج وتشريعات تؤكد على النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد.

ومن أبرز هذه المبادرات الفعالية مشروع «برلمانيون لمكافحة الفساد» وجمعيات الشفافية الدولية التي تقوم بدور مدني فاعل في الكشف عن سبل الفساد وأشكاله المتجددة.

هناك أيضًا إجراءات قانونية دولية للحجر على الأموال المنهوبة من الشعوب أو تلك التي لا يعرف مصدرها بشكل واضح، بحيث يتم استرجاعها إلى موطنها الأصلي، كما أن بعض الإجراءات القانونية المحلية قد وضعت ضوابط وأسسًا للسيطرة على مثل هذه الحالات، كالإعلان عن الذمة المالية والرقابة على المصادر المالية ونظام ضبط الهدايا والموارد المالية للأشخاص المسؤولين.

وما نشهده من إجراءات ومتابعات في هذا المجال يصب في محاولة محاصرة الفساد وضبطه، ولعل من السبل أيضًا إسهام الجهات الرقابية الرسمية والأهلية للتعاون والإسهام في هذه المشكلة العويصة.