آخر تحديث: 23 / 12 / 2024م - 11:33 م

الوطنية والرقص

سراج علي أبو السعود * صحيفة الرأي السعودي

أظن أنَّ الوطنية هي صفة يتمثل بها الإنسان حينما يقف ضد أي عنوان من عناوين الفساد، وينطلق في كل أفعاله مما يعود على مجتمعه بالخير والصلاح، يعني ذلك بمثال أن فردًا حينما يقبل بمخالفة القانون فلن يكون وطنيًا حينما يرفع العلم الوطني ويرقص على أنغام «أنتِ ما مثلك فهالدنيا بلد».

أنَّ تاجرًا حينما يتعمد التلاعب بأسعار العقار ويسلب من المواطن الكادح «تحويشة العمر» فلن يكون وطنيًا حينما يرقص على أنغام «ارفع راسك أنتَ سعودي».

أنَّ تاجرًا حينما يرجح العامل الأجنبي على السعودي، مع أفضلية الأخير عليه، لن يكون وطنيًا حينما يرقص على أنغام «يا سلامي عليكم يالسعودية».

الوطنية الحقة كما أفهمها هي أن يسعى الإنسان لمصلحة وطنه ولمصلحة المواطنين، وأن تكون أولوياته هي كل ما يحقق لهم الخير والصلاح، المتلاعبون بالقانون، الساعون دائمًا للالتواء عليه لمضاعفة ثرواتهم وتحقيق مآربهم الشخصية على خلافه، هم في حقيقتهم أعداء حقيقيون للوطن، ولطالما كانوا معاول هدم له.

حديث الشعارات الجوفاء والقصائد والرقص هو تمامًا من باب اللعب على الذقون، ماذا أفعل في رقص تاجر تمتلئ شركته بجميع جنسيات العالم إلا جنسية وطنه؟ ماذا أفعل في رقص تاجر جعل أسعار أمتار صحارينا الشاسعة أغلى من الذهب وجعل الشاب يئن من الفقر والعوز وهو «يحوش» قيمة الأرض وربما وافاه الأجل قبل أن ينال مناه؟.

ماذا أفعل في رقص مقاول جعل جسورنا وشوارعنا جبال وأودية تصلح لمزاولة هواية التطعيس؟، لا نريد رقصك، لا نريد قصائدك، لا نريد شعاراتك الجوفاء، نريد أن يتحول حبك لوطنك لأسلوب حياة يقوم على احترام القانون، يقوم على السعي لمصلحة المواطن، يقوم على السعي إلى تنفيذ المشروعات بالمواصفات والمقاييس المحددة، وعدا ذلك دعه لك.

«وكل يدعي وصلا بليلى.. وليلى لا تقر لهم بذاكا»، سيبقى الراقصون يرقصون على جراح المواطن حينما يسلبونه أسباب الحياة الكريمة بفسادهم وانحرافهم، وسيبقى ذلك الرقص والغناء كذبًا على الذقون، وطنيتك الحقيقية معيارها الالتزام بالنظام والقانون، والسعي في خدمة الوطن والمواطن وتقديم مصالحه على كل شيء، حينها فقط ستكون مواطنًا صالحًا، أما رقصك دون فعل كل ذلك فهو مما لن يجعلنا إلا متهكمين عليك، ومتأكدين أنك أبعد الناس عن الوطنية.