حق الاختلاف وواجب الإنصاف
الحديث عن صفة العدالة هو حديث عن أحد أهم القيم الإنسانية، التي إن تحققت عاش الإنسان في رفاه وسعادة، ثقافة العدالة والإنصاف متفاوتة في أثرها على المجتمع بمقدار قيمة صاحبها ونفوذه في المجتمع، غير أنَّ كل إنسان ينبغي أن يتحلى بهذه الصفة التي من دونها سيفتقد قيمة مهمة من القيم التي تجعله إنسانًا كاملًا.
ثمة إشكالية أخلاقية موجودة لدى نسبة ربما ليست قليلة من أفراد المجتمعات الإنسانية عامة، وهي إشكالية النظر إلى الآخر المختلف وإنصافه حينما يكون على حق، يعني ذلك أن الاختلاف مع شخص يتحول في الغالب لتجريده من كل خير ويحوله لشر مطلق في كل شيء، ثقافة الحياد التي تعني أن يكون الإنسان وسطيًا في تقييماته، موضوعيًا في آرائه، وبعيدًا عن لغة المهاترات تكاد تكون نادرة، المختلف معنا في الغالب هو شر محض، ينبغي تمامًا أن يجرد من كل خير، هكذا أمر يكاد يكون سمة في المجتمعات التي اعتادت كل الجهات التربوية، بداية من الأُسرة مرورًا بالمدرسة نهاية بأئمة المساجد والوعاظ، على رسم صورة غير جيدة للمختلف، بحيث ينشأ الطفل ويشب ويشيب على حالة غير مبررة من الحذر من المختلف والتوجس منه، بل والتقليل من قدرته على التفكير المنطقي.
وحالما تشاء الأقدار أن يختلط به فإنَّه في الغالب لا يحسن التعامل معه، ذلك أنَّه عاش ثقافة من العدالة والإنصاف المشروطة بالاتفاق في المبدأ أو الدين أو غير ذلك، حينها لن يمتلك القدرة أن ينسلخ من ذاته ليكون أكثر عدالة وإنصافًا واحترامًا مع الآخر.
أعلنت السعودية أخيرًا فتح الباب للسياح الأجانب لزيارة أراضيها، الأمر الذي يعني أنَّ ثقافات متعددة وأديانًا وأعراقًا سوف تزور السعودية، هكذا أمر هو من الأهمية بمكان لتنمية ثقافة تعددية جديدة قائمة على احترام الآخر مهما كان انتماؤه وأفكاره، ليس الاحترام بمعنى الاتفاق معه في الرأي، بل بمعنى الاعتقاد بحقه في أن يكون كما اختار لنفسه.
في تصوري أنَّ هكذا أمر له نتائج إيجابية مهمة على المجتمع بحيث ستجعله - لا محالة - أكثر انفتاحًا مع الآخر وأقل توجسًا مع المختلفين معه في الرأي.