آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:13 م

ذكوريات أم غريبات أطوار؟!

زينب البحراني *

حكايات العالم بأكملها قائمة على الصراع بين الخير والشر، وعلى مناورات البقاء بين الضعف والقوة، لكن حين يقف فرد من حزب المظلومين في صف الظالم فلا بُد أن يكون هذا السلوك بداية استيقاظ علامة استفهام هائلة في عقل من يُراقب هذا السلوك غير المُتعارف عليه انسانيًا!

أحد أبرز السلوكيات المُثيرة للاهتمام في بعض المجتمعات الأنثوية العربية، والتي لاحظتها في المُجتمع المُحيط بي، سلوك بعض النساء اللواتي يتهمن المرأة دائمًا وأبدًا أنها هي المُخطِئة، وهي المُقصرة، وهي السيئة في علاقتها مع الرجل - ولا سيما علاقتها بزوجها - مهما أثبتت كُل الأدلة أنها هي التي على صواب، ولم تُقصر بشيء، وتتعامل معه بلطف ورقة يُنافسان مرور النسيم على خد طاووس، بينما يرون فيه مظلومًا مسكينًا مهضوم الحق مهيض الجناح وإن ثبت إدمانه المُخدرات، وتعديه عليها بالضرب، وكيّها بالجمر على وجهها، وشق جلدة رأسها، واقتلاع عينيها، بتقارير طبية وأمنية لا تقبل الشك!

ثمة أكثر من تحليل نفسي لشخصيات أولئك النسوة ودوافعهن من هذا السلوك، لكن مما يبعث على الشعور بالطرافة أن بعضهن ممن يتهمن النساء المظلومات بأنهن المُخطِئات هن أصلاً من فئة الشرسات المُتسلطات في تعاملهن مع أزواجهن! كما أنهن لسن مُقصرات فقط؛ بل مُهملات وفاشلات في إدارة حياتهن الزوجية في الشكل والمضمون رغم توهمهن أنهن ”مثاليات“!

أعرف شخصيًا امرأة في أواسط السن تعتبر الذكور شيئًا يُشبه ”الآلِهة“ بينما النساء كلهن من سُلالة ”العبيد“، وكلهن مُقصرات في حقوق أزواجهن جُملة وتفصيلاً إلى درجة تجعلهن مُستحقات الدوس في بطونهن، وتطليقهن أو الزواج عليهن مثنى وثلاث ورباع! لو أن رجُلا يسمعها تتكلم ربما تساءل عن تلك الجنة التي تُعدها تلك الملاك كُل يوم لزوجها المحظوظ، بينما الواقع الذي لا يعرفه إلا دائرة النساء القريبات منها أنها لا تُنظف بيتها إلا ”في السنة حسنة“، ولا تُغير ثوبيها الرخيصين إلا إذا استصرخا ربهما كي يُنقذهما من هذا العذاب بأن يُهلكهما هلاكًا لا يعودان بعده صالحان حتى لمسح بلاط المطبخ، إعداد الإفطار مفهوم محذوف من قائمة حياتها اليومية، أما العشاء فيقتصر على إخراج شطيرة الفلافل البائتة يومين من الثلاجة كي يتناولها زوجها إذا كان جائعًا، وما خفي وراء ذلك أعظم.. ولا يظن أحدكم أن السبب في هذا هو الفقر، فما تملكه هي وزوجها من مال يعول تسعة بيوتٍ شهريًا وربما أكثر.. ثم تتهم النساء اللواتي يُفنين أنفسهن في تربية أطفالهن بإخلاص، وارتداء أجمل الملابس، وتصفيف شعورهن وفق أحدث طراز، ويُعددن لأزواجهن أشهى الموائد، ولا يسمحن لذرة غُبار بالارتياح على أثاث منازلهن، ولا تنطلق من بيوتهن إلا أزكى العطور، ويُساهمن في مصروف المنزل من رواتب عملهن، ويفعلن المُستحيل لتوفير أكبر قدر من الأمان والهدوء والسكينة والاستقرار للزوج والأطفال، بأنهن مُقصرات سيئات لا بد من تأديبهن!

قد يتساءل هنا سائل: ”ألا تخشين أن تقرأ تلك المرأة مقالك هذا فيتسبب ذلك بأزمة؟“، جوابي يا عزيزي السائل المُتسائل أن احتمال حدوث شيء هذا أقل من واحد بالمليون، لأن هذه المرأة لا تفتح كتابًا، ولا تتصفح جريدة أو موقعًا إلكترونيًا لقراءة مقال، وأقصى هواياتها قراءة ما يصلها يوميًا عبر تجمعات الواتس آب.

هذا النوع من النساء اللواتي يتصرفن باعتبارهن مُدافعات عن الذكورية وظُلم بعض الذكور كان يصول ويجول على هواه في المُجتمع قبل أن يأتي جيلنا القادر على الكتابة والتعبير وإطلاق أفكاره حول الأرض بحُرية عن عالم الإناث المليء بالأسرار والتناقضات بشأن تلك القضايا، لكن مع وجودنا اليوم حان وقت مواجهتهن حقيقتهن وواقعهن المُخيف خارج نطاق شبكة الأوهام التي ينسجنها حولهن.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
صادق اسماعيل
[ الدمام ]: 28 / 10 / 2019م - 8:34 ص
مبدعة دائما،.
مقال جميل من الواقع المعيشي يستحق القراءة.
كاتبة وقاصة سعودية - الدمام