النواعم وحرب وردية قاسية
«سمعتي عن فلانة» الوشوشة المتكررة القاتمة والمثقلة بالخوف والقلق والوجع، فلانة التي قد تكون من صديقات أمي أو صديقاتي أو شابة لم يبدأ عمرها بعد، فضيفهن الثقيل المباغت لا يهتم بعمرهن أو وضعهن الاجتماعي.
يتسلل إلى حياتهن دون مبررات ودون سابق إنذار، يجثم على صدورهن بكل خبثه وشروره، فإما ألا يسمحن له بالدخول أو أن يدركن وصوله مبكرًا فيحسنّ نزاله وطرده، وإما ألا يرحل إلا وقد سلب أرواحهن معه.
إنه سرطان الثدي الذي يصيب سيدة من كل ثماني سيدات عالميًا، وواحدة من كل أربع سيدات هنا في المنطقة الشرقية من بلادنا، في إحدى أعلى النسب في السعودية، لذا لا يمكن أن نتجاهل سطوة حضوره، فعلى كل سيدة أن تنفّره بالمحافظة على جسد صحي نشط منخفض الدهون، وألا تتعاطى أي أدوية هرمونية كموانع الحمل أو بدائل الهرمونات بعد انقطاع الطمث، وأن تسمح لجسدها أن يمارس دوره البيولوجي بإرضاع أطفالها رضاعة طبيعية.
عليها أيضًا أن ترهف السمع لحسيس خطواته فتلاحظ أي تكتلات أو تغيرات في الشكل أو الحجم أو الملمس أو وجود أي إفرازات غير لبنية أو أي مشاعر غريبة كالوخز وعدم الراحة أو الألم، بل وحتى إن لم تجد أي من ذلك فلتبحث عنه وتطرده قبل أن يتوطن ويمد أذرعه اللئيمة، بالقيام بالفحص الذاتي شهريًا وفحص الماموقرام سنويًا، فاكتشاف وصوله مبكرًا سيمنحها أفضلية البدء بالنزال وسيرفع نسب انتصارها إلى تسعين بالمئة.
ختامًا، لتتذكر كل سيدة أن وصول هذا الضيف ليس نهاية، بل بداية مرحلة مهما كانت صعوبتها، فإن آلاف المنتصرات يثبتن أنه بالإمكان تجاوزها وأنه مهما كان ما انتزعه ثمينًا فإن الإجراءات الطبية الترميمية موجودة وتتطور عامًا بعد عام وستعيد لها مظهرها الأنثوي الصحي الجميل، الرحلة الصعبة تسهُل بالثقة بالله والتحلي بالأمل، فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة.