اليوم الوطني ومجلس الشورى
في ظل الخطوات الكبيرة التي تشهدها السعودية، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، وتفعيل دور مختلف المؤسسات بصورة لم نشهدها من قبل، يظل مجلس الشورى الذي مضى عليه الآن 25 عامًا منذ إعادة تشكيله في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - لا يزال يؤدي دورًا جانبيًا ومحدودًا في المشهد الوطني لا يتناسب مع حجم الكفاءات الموجودة فيه والإمكانيات المتاحة له.
كثيرة هي القضايا والموضوعات التي انتظر المواطنون أن يتبناها المجلس ويناقشها، ويقدم فيها آراء وتوصيات تتيح لصانع القرار البدائل والخيارات المناسبة، ولكن المواطنين لم يشهدوا من «المجلس» سوى تأجيل مناقشة العديد من الموضوعات المهمة والقضايا الاجتماعية الحرجة.
نحن الآن نمر بمرحلة بالغة الحساسية والأهمية، وقد تم اتخاذ العديد من القرارات الأساسية المهمة التي غيرت مسارات وضع المجتمع، ودفعت بقطاعات هامة فيه كالشباب والنساء لأن يكونوا في مقدمة الركب، وذلك يتطلب مواكبة الجهاز التشريعي بما يتناسب مع متطلبات هذه المرحلة، من خلال إعادة دراسة وتعديل وتطوير مختلف التشريعات والأنظمة لتواكب هذه المتغيرات.
سبق وأن طالب العديد من الكتاب والمتابعين لنشاط «المجلس»، بضرورة أن يكون أعضاؤه منتخبين، كما هو الحال في الغرف التجارية والمجالس البلدية وغيرها من الهيئات والجمعيات، وهو أمر لم يكن بعيدًا عن توجهات المسؤولين منذ فترة طويلة، إلا أنه لم يحدث لحد الآن ولو بصورة جزئية ومتدرجة.
ما رأيته في تجربة المجالس البلدية أن الأعضاء المنتخبين تكون لديهم الحماسة والفاعلية، لتفاعلهم مع ناخبيهم ومساءلتهم لهم عن تنفيذ برامجهم الانتخابية، وبالتالي فيكون ذلك سببًا لأن يتناولوا مطالب وقضايا المواطنين ويعبروا عنها بصورة قوية وواضحة.
الحال ليس كذلك في حال التعيين، فالدافعية هنا تقل ويقوم العضو بدور بيروقراطي لا يلتقي مع حاجات الناس وقضاياهم وتطلعاتهم.
المجلس المنتخب أيضا سيساهم في تخفيف العبء عن الجهاز التنفيذي، ويتحمل بشكل طبيعي جزءًا كبيرًا من المسؤولية في اتخاذ القرارات ودراستها مما يعطيها ثقلًا أكبر ويجعلها أكثر قابلية للتنفيذ، يستوجب ذلك بطبيعة الحال إعادة صياغة نظام المجلس وتوسيع صلاحياته، بما يحقق له دورًا حقيقيًا في تطوير البنى المؤسسية في البلاد.
في الاحتفاء بالذكرى التاسعة والثمانين لليوم الوطني، وبعد مرور فترة طويلة على إعادة تشكيل مجلس الشورى، فإن مثل هذا التعديل سيعطي دفعة كبيرة وزخمًا هائلًا لما هو قائم من برامج وخطط ومشروعات تنموية على مختلف الأصعدة، وليجعل وطننا في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.