الأوضاع المتردية في بلاد العرب والمسلمين سبب لنشوء جماعات إرهابية
تعيش كثير من بلاد العرب والمسلمين واقعًا متخلفًا في التعليم والبنية التحتية، إضافة إلى أوضاع سياسية متسلطة، وتفشي ظاهر البطالة والفقر. هذه الأوضاع شكلت أرضية خصبة لظهور جماعات إرهابية عنفية لتحقيق أهداف سياسية أو دينية. حتى باتت بلاد العرب والمسلمين مسرحًا للإجرام الداخلي ودمار الأوطان. كما نشهد ذلك في العراق وسوريا واليمن وغيرها من البلدان.
كم خرّبت داعش وغيرها من الحركات المتطرفة في هذه البلاد وأعادتها إلى الوراء، وزادت في تأخرها وتخلفها.
يؤكد على هذا الشيخ حسن الصفار في محاضرته: «سيكيولوجية العنف والعدوان».
مشيرًا إلى أن بلادنا مسها نصيب من هذه التوجهات من استهداف للمساجد والحسينيات والتجمعات، وبعض الجهات الحكومية. لكن بلادنا - بحمد الله - بقيادتها وجهود الجهات الأمنية تجاوزت هذه المحنة. ولكننا لا نزال بحاجة إلى مزيد من الوعي والتغيير لتلافي مثل هذه التوجهات.
التطرف والحراك المسلح لا يعود على المجتمعات إلا بالخراب والدمار. وهذا ما يحذر منه العلماء والواعون. علماء المنطقة في القطيف والاحساء حذروا من ممارسة العنف واستخدام السلاح، مؤكدين أنه ليس هناك مبرر ديني ولا غطاء شرعي لذلك.
مراجع الشيعة في العراق وبرغم الظروف القاسية التي مروا بها إلا أنهم رفضوا الافتاء بالعنف ورفع السلاح، كالسيد الخوئي، والشهيد الصدر، والسيد الشيرازي الراحل برغم كل الملمات إلا أنه نظّر لفكرة اللاعنف وأكد على أن استخدام العنف داخل المجتمع له مردود سلبي على المجتمع كله. الشيخ شمس الدين له دراسة فقه العنف المسلح. حتى السيد الخميني وأثناء معارضته للشاه رفض السلاح وقال انثروا على الجيش الزهور.
وفي سيرة سيد الشهداء بكربلاء نجده يؤكد أكثر من مرة على ألا يبدأ بالقتال، بل كان يحاول تجنب ذلك.
مجتمعاتنا بحاجة إلى مزيد من التوعية والتوجيه تجاه العنف على جميع الأصعدة. فالتفسير السيكيولوجي يرى بأن الإنسان فيه غريزة عدوانية إذا لم تفرغ بالشكل السليم فإن أي منبه قد يوقظها، كما في الغرائز الجنسية مثلًا.
وهذا يحتاج إلى تقوية الضبط والربط الاجتماعي. قوانين وسلوكيات رادعة وموجهة، ومحفزات تشد الإنسان لمجتمعه. وهنا لا بد من التأكيد على أهمية الأندية الرياضية وضرورة تفعيل دورها والاهتمام بدعمها فهي تساهم بشكل كبير في تخفيف الجرائم.
وتشير نظرية التعلم الإجرامي إلى دور التربية والبيئة في تعلم السلوك الإجرامي. إضافة إلى تساهل القوانين في امتلاك السلاح وثقافة انتشارها واستخدامها، تساعد في ذلك وسائل إعلامية، وثقافة تحريضية ضد أقليات دينية، أو الجاليات، أو ضد عرق ما، وما شابه.
وللعنف الأسري دور كذلك. حيث النشأة في بيت يسوده جو من العنف كالزوج تجاه زوجته أو الوالدين تجاه أبنائهم، يشكل انعكاسات سيئة في نفوسهم ويوقظ فيهم غريزة العدوان.
منتهى درجات سوء الخلق أن تمارس العنف في أسرتك. فالعنف ليس مفتاحًا لضبط الأسرة وتسيير أمورها، كلا. ولست واسع الصلاحيات حتى تمارس الضرب ورفع الصوت والإهانة للتأديب!
ظاهرة التنمر التي تنتشر عند طلاب المدارس تجاه زملائهم من أسبابها العنف الأسري. نصف مليار طفل عالميًا يتعرضون للتنمر، الأمر الذي يسبب لهم عقدًا، ويهيأهم للعدوان في المستقبل.
مجتمعنا الذي يعد من المجتمعات المتدينة الآمنة باتت الجرائم فيه تتصاعد. 243 ضحية للقتل الخطأ في عام 1438. وهو أمر خطير، والأخطر منه ما يقع أثناء الشفاعة لدفع حكم القصاص. القرآن يشجع على العفو سيما إذا كان القتل غير مقصود وليس ديدن الفاعل، ولكن تزايد أرقام مبلغ الدية بات أمرًا عسيرًا مبالغًا فيه وكأنه متاجرة بالدماء. على المجتمع أن يرفض ذلك، ويشجع على العفو.