ثورة الإمام الحسين (ع) العالمية والخلود
كثيرة هي الثورات التي قامت في العالم سواء على المستوى السياسي أو الديني ولكنها اضمحلت وانتهت وزالت مع تعاقب الأزمنة ولا نبالغ إن قلنا لم يبقى منها إلا القليل بل لم يبقى منها إلا ما يعد على أصابع اليد الواحدة ومن تلك الثورات القليلة الباقية ثورة أبي الأحرار وأبي الشهداء الإمام الحسين ، والسؤال لماذا خلدت وبقيت هذه الثورة الأبية؟
بكل قوة وثقة نقول لأنها كانت ولا تزال لله تعالى وما هو لله فهو باقٍ ما بقي الدهر، قال تبارك وتعالى «ما عندكم ينفد وما عند الله باقٍ» «1».
والثورة عزيزي القارئ الكريم تعرف بأنها «منها ثوري اسم منسوب إلى الثورة، يقال رجل ثوري: يعتقد في مبادئ الثورة أي ثائر متمرد، وعمل ثوري، عمل يكتسي صيغة الثورة» «2»
ولكل ثورة في العالم أسبابها ومسبباتها ولو بحثنا في أسباب ثورة الإمام الحسين فسنجد أهمها يتلخص في الآتي: -
الهدف الرئيس من نهضة الإمام الحسين هو المحافظة على بيضة الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «أما بعد.. فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله ﷺ أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر» «3».
وكذلك من ضمن الأسباب والأهداف للثورة المباركة «تحذير الأمة من حبها وركونها للدنيا والحد من انتشار الفساد الأخلاقي في الأمة وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم اهتمام أتباع الحق به» «4».
وبهذه الأهداف كان سر الخلود للثورة وبقائها وكذلك بما قلنا سابقاً لأن الثورة كانت لله تعالى ولأنه ضحى بنفسه المباركة «وقطع الحجج من أجل الله وحده لا شريك له فلم يكن يطمع بملك ولم يسعَ لنيل سلطان وإنما القصد والغاية هو الله وحب الخلق ولأنه عشق الحق والعدالة» «5».
ولهذا استحقت هذه الثورة أن تكون عالمية زماناً ومكاناً وحتى على مستوى الأديان، فزماناً حيث أنها خالدة منذ قيامها إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة؛ ومكاناً لأنها قطت وتقطي المعمورة بأسرها فلا أظن أنه يوجد أحد على وجه الأرض لا يعرف قضية الإمام الحسين ونهضته، وعلى المستوى الديني الإمام الحسين لكل الأديان وليس للإسلام فحسب فكل عرف الإمام الحسين وكتب فيه الأشعار والكتب والبحوث والرسائل والكلمات وفي ثورته وعالميتها، فخذ على سبيل المثال: -
الرئيس الأمريكي الأسبق «أبراهام لينكولن» حيث يقول «ما من عظيم إلا ويخلد إلا أن الحسين كان مميزاً بسبب أفكاره النيرة وعشق الناس له في شرق الأرض وغربها إن القرآن ومحمد والحسين ثالوث مقدس» «6».
ويقول المفكر برناردشو «7» «ما من رجل متنور إلا عليه الوقوف وقفة إجلال واحترام لذلك الزعيم الفذ حفيد رسول الإسلام الذي وقف تلك الوقفة الشامخة أمام حفنة من الأقزام الذين روّعوا واضطهدوا أبناء شعوبهم» «8».
ونختمها بسيد قطب حيث يقول «إن الثورة العملاقة التي قام بها الحسين لم تكن حركة تمرد أو حركة عصيان وإنما ثورة رائدة خلدها التاريخ على مر العصور» «9».
وهكذا تبقى ثورة أبي الأحرار أبي عبد الله الحسين خالدة على مدى الأزمان في قلوب المؤمنين وفي الضمائر والوجدان وتبقى حرارة البكاء عليه في عيونهم لا تجف أعينهم من الدمع حتى يشف الله صدور قوم مؤمنين بخروج قائم آل محمد ليأخذ بثأر جده .