إزدراء الناس بسبب انتمائهم الديني أخطر ما تسلل لأتباع الأديان الإلهية
التعامل الحسن مع الآخرين أهم ما يقوّم شخصية الإنسان ويعلي مقامه عند الله تعالى والناس. والتعامل الحسن يكون على أساس النظرة الإنسانية للآخر، بغض النظر عن انتمائه الديني أو العرقي أو القبلي.
الغرور الديني خطر كبير تسلل لأتباع الأديان الألهية. وقد حذر القرآن الكريم من هذا الأمر الذي وقع فيه اليهود والنصارى الذين ادعوا أنهم أبناء الله وصفوته وشعبه المختار، وأن الجنة لهم وحسب.
ولا تنحصر النظرة الدونية في حدود العقيدة بل تتعداها إلى سلوكيات التعامل مع الآخر. ومنه يكون التمييز والجور على حقوق الآخرين والتعدي عليهم.
يشير إلى هذا الشيخ حسن الصفار في محاضرته «النزعة الإنسانية بين المصلحية والأديولوجيا».
ويضيف أن المسلمين تسلل لهم هذا المرض الخطير، ليس مع من يخالفهم في الدين فحسب، بل حتى مع من يشاركهم في الدين ويختلف في المذهب.
متطرفو السنة ينظرون إلى الشيعة بأنهم أهل بدع وأنهم من أهل النار فيسوغون لأنفسهم التعدي والجور! والأمر كذلك عند متطرفو الشيعة.
المتدين الحقيقي هو من ينمّي في نفسه النزعة الإنسانية. ويعيش بالفطرة النقية التي تدعوه إلى خدمة الناس ومحبتهم والتعايش معهم على الأساس الإنساني.
كرم الله بني آدم جميعًا كما تشير الآية من حيث المضمون الأولي، ولم تخصص ديانة أو مكانة. «وقولوا للناس حسنًا» كل الناس.
وإذا كان النقاش العقدي حقًا ومشروعًا، لكنه يشترط الأسلوب الحسن. ومن لا يمتلك الأسلوب الحسن فالدين ليس محتاجًا إلى دفاعه «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن». لكن ثمة نصوص دخيلة وموضوعة أو تفسيرات خاطئة لنصوص ثابتة سببت لبعض المتدينين هذا الانحراف.
على الإنسان أن يزكي نفسه من مرض الأنانية المفرطة التي تكوّن علاقته مع الناس في حدود المصلحة الشخصية، التي قد يمارسها حتى مع أقرب الناس إليه. فيتخلى عن والديه في دار المسنين بعد أن عجزا عن مساعدته ورعايته.
ومن الأنانية المفرطة استغلال الآخرين والجور عليهم لتحقيق رغبات ذاتية. فتجار الأسلحة لا يعنيهم أن تنشب الحروب وتخرب الديار، لا يعنيهم انتشار القتل وخسارة الأرواح ما دام الأمر فيه مكاسب مادية لهم.
وكذلك تجار المخدرات. بل حتى تجار الأدوية والتي يفترض أن تنفع الناس، أصبحت تجارة شرسة. فقد يمانع التجار إنتاج عقار جديد فيه نفع أكثر للناس خوفًا على مكاسبهم المادية.
تجار الأجهزة الكهربائية كذلك قللوا العمر الافتراضي لمنتجاتهم «التقادم المخطط» لضمان استمرار حاجة الناس لها. ولا يعني لهم شيئًا الأخطار التي تحل على البيئة والإنسان جراء ذلك.
على الإنسان أن يقوي في نفسه النزعة الإنسانية السليمة، مبتعدًا عن الأنانية والدونية. وأن يتعامل مع الناس بنظرة إنسانية بعيدة عن كل الجوانب الأخرى كما قال الأمير: «الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق».