عاشوراء.. عبرة وعبر
وهبت رياح عاشوراء حاملة معها غبارا طيب الرائحة.. غبار تراب معطر بدم اعظم شهيد عرفته البشرية.. طيب لا يعادله ريح اطيب عطور العالم.. ناشرا عبق تلك الدماء الزكية في كل ارجاء الدنيا.. مذكرا شيعته الذين وعد بهم جده واباه وامه واخاه بإقامة عزائه وإعادة تلك الملحمة الخالدة على اسماع الأجيال جيلا بعد جيل على مر العصور.
فتنتشر الشعارات في الشوارع والأزقة ”ابد والله لا ننسى الحسين.. كلنا حسين.. كل يوم عاشوراء..“
عبارات ولائية لا تدل على التعاطف الروحي والوجداني لقضية الأمام الحسين سلام الله عليه فحسب بل على الوعي الادراكي والمعرفي لهذه الثورة العظيمة.
الشوارع تعج بالحركة والحياة في تنظيم دقيق معد له مسبقا.. كلا ودوره سواء من القائمين على المآتم او المتطوعين من الشباب من الجنسين مظهرين تكاتفا اجتماعيا منقطع النظير متسابقين في خدمة ابا عبد الله ورواد مجالسه..
اما عن دور مرتقو تلك الأعواد المنبرية فلم يعد دورهم يقتصر على سرد الواقعة واظهار الجانب المأساوي لما جرى في ذلك اليوم الدموي على بضعة رسول الله بهدف البكاء واللطم فقط.. بل هم يسعون لمواكبة تطورات الزمان ومستجداته بالبحث والدراسات المستفيضة بتعريف ذات الحسين وبيان رسالته واهدافه من تلك الثورة والقاء الضوء على الجوانب الأخرى في حياته وبحث وتتبع كل جديد من علوم دينية.. واجتماعية.. واسرية.. وعلمية.. وفلسفية.. وطرح تلك الموضوعات بمايتناسب مع كل عصر وبمحاكات مختلف انواع المتلقين بحسب الاعمار والمستويات العلمية والثقافية، حتى اصبحت تلك المجالس مدرسة عالمية ينظر لها العالم بعين الترقب والتأمل لما يُستجد ويطرح في عشر عاشوراء واربعين الحسين عليه سلام الله.
ان مجالس الحسين بفضل التنوع في طرح الموضوعات التي تهم المجتمع وتلامس همومه اليومية والحياتية اصبحت مدرسة لكل الأجيال ولكل انسان واعٍ وحر، فمن اراد تعلم الدين والمبادئ والاخلاق والشرف والكرامة والناموس.. الانسان الذي لديه روح الانسانية، او اراد ان يتنصر لنفسه ولاخيه الانسان فليحضر مجالس عاشوراء ليتعلم وينهل من تلك المدرسة الحسينية العظيمة.
ابيات للشاعر السري:
اقام روح وريحان على جدث -
ثوى الحسين به ظمأن آمينا
كأن احشائنا من ذكره أبدا -
تطوى على الجمر او تحشى السكاكينا
مهلا فما نقضوا اوتار والده -
وإنما نقضوا في قتله الدينا