آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

في ذكرى رحيل أمي الغالية

علي حسن آل ثاني

أمي الغالية إليك هذه السطور... رحمك الله رحمة الإبرار

لا أدري بماذا أبدأ وماذا أقول تاهت الكلمات أنقبض صدري غص حلقي ارتجفت يداي عادت الذكرى لتحفر من جديد الحزن والآلام التي طمرها الزمن، عادت لتوقظ الهم المكبوت الذي سكن فؤادي وانشغلت عنه بهذه الدنيا، عادت لأبكي من جديد وهل ينفع البكاء فقد جف الدمع في العيون، كلماتي أصبحت هائمة وهمساتي أصبحت صرخات تبعثها آلامي، مرت ثلاثةعشر عاما على وفاتك يا أمي رحمك الله رحمة واسعة، لا أدري من أين أناديك لأني أعلم مهما صرخت بأعلى صوتي لن تسمعي إلا أنيني على بعدك وما تركتي إلا الحزن في قلبي والحيرة في بالي كان فراقك صعباً يا أمي، لفراقك بكا قلبي قبل أن تبكي عيناي، لفراقك أحسست بالأنين يتدفق إلى عروقي، لفراقك ساد الصمت أنحاء المنزل.

أمي الغالية زمن مر على رحيلك عنا زمن كأنه الدهر كله مر ثقيلا عصيبا بأيامه بساعاته بدقائقه كل شيء حولي يئن بذكراك، ابتسامتك الصافية لم تغب عن ناظري أراها أشعر كل يوم ببعد فراقك وبمرارة رحيلك بنقص يقتلني، في مثل هذا اليوم يا أمي ارتفعت روحك الطاهرة إلى بارئها لتنال منزلة رفيعة من منازل الأبرار من أهل الجنة أنشاء الله. كم اشتقت لك يا أمي.. كم اشتقت لحضنك الدافئ.. أرسم حروفك من خطوط قلمي.. وقدرك في صدري جاوز كتاباتي.. أمي لن أنساك.. لن أنساك يا عطر الياسمين.. لن أنساك يا عبق الريحان.. يا حبا فقدته.. أعدك وأنت بين يد الله أن أكون باراً بك.. وفية لك، فكلما اشتقت لك سأقرأ لك آية من القرآن، وأهديك ثوابها، فأنا لا أفعل أجرا ولن أفعله إلا وقاسمتك نيته، ولا أقف بين يدي الله إلا وكنت أول دعائي.. رحمك الله يا جنتي..

لا أملك الآن إلا أن أعبر عن نفسي بين هذه السطور حتى السطور تحمل كلمات حزينة أردت كتابة هذه الكلمات عن شوقي الى أمي لكن دموعي سبقت كلماتي، وكما يقول المثل «كل ما مسكت القلم لكتب لكم خطي سالت دموع الحزن وأمحت كل ما خطيت.

رحلت أمي، فكان رحيلها زلزالاً حطم قلبي وبركاناً ثار في وجهي، أمي مند ولدتني وذكراها باقية في قلبي الى يوم الدين ملامحها راسخة في مخيلتي ووجداني حتى أفارق الحياة.

كانت بابا للحنان ونافذة للبهجة وممرا آمنا للسكينة، كانت بيتا وبستانا وسحابة فرح في لياليي الحزينة وقبلة حانية على يد الزمان الموغل في قسوته كانت نهرا فياضا علمني أن أحب بلا حدود وأن أعطى دون انتظار المقابل

كانت القلب الحنون المفعم بالعطاء والمحبة للآخرين والصدق مع الله واهل البيت بنية صافية، كانت مثالاً للتضحية والإيمان والتسامح والإيثار.

أمي... ما زالت صورة وجهك المضيء هي حلمي الذي أعيش من أجله، مرت الأيام دون أن ناشعر بها والشهور والأعوام هكذا وكلمح البصر، مرت ثلاثة عشر عاماً بالتمام والكمال اليوم على رحيل أمي، بل أقول رحيل جسدها حيث روحها معي تحفني في كل مكان ولا اقول ذكرى لأن الذكري لمن لفه النسيان.. ولكن لن انساك يا أمي ماحييت

ترى ماذا أكتب…. وكيف؟! أبد. أتاهت أفكاري، وهربت مني أحرفي ماذا أكتب وكلماتي تنزف دماً وعيوني تذرف دمعاً، وكل ما أعرفه أن أيامي ترغمني على تجرع كأس الحزن فتأسرني وتقذف بي في بحر عميق لا قرار له.

ها هي السنوات مضت من عمري، ولكنها ليست كبقية الأعوام، هي أيام عمري ترحل عني لتتركني بقايا إنسان، والشهور تتسابق لتغادرني تتقاذفها الأقدار.. ويقسو عليها الزمان.

منذ 13عاماً. دوت صرخة صامتة، مزقت قلبي. ونزف دمي،، وصارت الدنيا من حولي فضاء من ألم، منذ هذه السنوات علمت معنى أن تموت الحياة، وعلمت معنى أن نحيا بلا حياة، كل هذه السنوات وأنا أضعف شوقاً وحسرة، وأبكي وحيدا بصمت أبكي لفراق أغلى وأعز وأحن إنسان كلما تذكرت مواقفك وكلماتك وطابعك، مَن لا يبكي أمه، كيف لا أبكيها وهي أمي ثم أمي ثم أمي.. كيف لا أبكيها وقد كانت نبراسا ينير طريقي.

كيف لا أبكيها وهي من علمتني سر الإنسانية الأصيل، وكيف لا.. وهي من أرضعتني مع حليبها الصبر والعطف والحنان، وقد كانت لي سندا وحاجزاً يقف أمام انهيار نفسي، ببسمتك الجأ اليك عند ضيقي، أسمع دعوتك الصادقة لي وكل يوم يمر أجد نفسي أقرب وأقرب اليك.. أمي القامة الشامخة، الكبرياء، الصبر، الحب الايثار. بكل معنى بزمن مر عليها تقاسم والدي مرارة العيش وتسناده وتقف بجانبة في السراء والضراء...

منذ سنوات اغلق الباب الأوسع، الذي كان الله يرحمنا من خلاله بسبب أمي أم الكرم، أم الوفاء، أم الأمانه والعطف. من بعدك يدثرني بأحضانه بالحب والحنان خوفاً وشوقاً وحنيناً فما اقسى الحياة بدونك. مرت سنوات على فراقك ولا زلت أذكر تفاصيلك صغيرة كانت أو كبيرة.. كلما تذكرتك أشعر بروحك العطرة تظللني.. كلامك لا يغيب عن سمعي..

رحلت يا أماه ونفسك مطمئنة راضية بقضاء الله وقدره، مرضية إن شاء الله، فلقد أديت رسالتك على أكمل وجه دون أي تقصير.. فنامي يا أماه في سلام على الأرائك بادن الله.

اللهم إن مغفرتك أكبر من ذنوبها، ورحمتك أوسع لها من عملها، فاغفر لها وارحمها، واعفو عنها، ووسع مدخلها واكرم نزلها.. اللهم وسع لها في قبرها ومد لها فيه مد بصرها، وافرشه لها من فراش الجنة.. اللهم انزل على قبرها نورا من نورك، وانزل على روحها نفحة من رحمتك يا أرحم الراحمين

يامن فقدت امك ابكى على فراقها وعدم وفاءك بحقها والله ان الام باب من ابواب الجنه مغتوح يغلق بمجرد وفاتها عنا فلنعمل جاهدين لان ندخل من هدذا الباب اسال الله ان يجعلنا واياكم من الذين اذا اقسموا على الله ابراهم، ويامن من امك ما زالت حية ترزق مع الاحياء فاذكرك ان تقبل قدميها وتكون محسنا لله قال تعالى: ”وبالوالدين إحسانا“.

وألا تغفل لحظة عن ارضاءها قبل أن يأتي يوم تعجز فيه ان تقدم لها شيئاً ولاتنسوا الدعاء لأمي.