ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج
إن سعادة الإنسان تتوقف على تأديب النفس وتطهيرها وشقاءه سيكون حتماً بفسادها وخبثها، وها نحن نرى الحشود قد جائت من كل أنحاء العالم واتجهت إلى أرض الأمنيات «أرض عرفات» في مكة المكرمة، فهناك يكون تطهير الروح وتجريدها من كل مغريات الحياة وملذاتها، فهانحن نرى جميع الحجاج قد رفعوا أكفهم يتضرعون لخالقهم في تلك البقعة المباركة ولكن هل يا ترى جميعهم مقبولون من رب البيت!!
يحكى بأن علي بن يقطين أحبّ بأن يذهب إلى الحج عندما علم أن الإمام جعفر الصادق قد سبقه إلى الحج، وقد كان علي بن يقطين من تلامذة الإمام الصادق ومن اتباعه المخلصين، فجهّز علي بن يقطين نفسه وحمل معه زاده ومتاعه ودراهمه وتوجه نحو مكّة، لكنه عندما وصل إلى بغداد وجد امرأة فقيرة مع اطفال أيتام فرقّ لهم قلبه وأعطاهم كل ما يملك، ورجع إلى بغداد.
بعد أن انتهى موسم الحج وعاد الناس إلى ديارهم، جاء رفاقه من الحجاج ليزوروه في داره، فتعجب منهم وقال لهم: لكني لم أذهب إلى الحج فقالوا له: كيف تقول هذا ياابن يقطين وقد رأيناك في الحج تطوف حول الكعبة وتسعى بين الصفا والمروة، أنسيت حين أقمنا في جبل عرفات ثم ارتحلنا الى المزدلفة، ثم نزلنا من مِنى؟!
وفي الواقع ان علي بن يقطين لم يذهب الى الحج ولكن الله تعالى بعث مكانه ملكاً في هيئته ينوب عنه في الحج فكتب له فضيلة الحج، وذلك لأن نيته كانت متعلقة بالحج، والنبي «صلى الله عليه واله» يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».
وعندما ذهب الناس إلى دار الإمام الصادق يهنئونه بعودته من الحج سألوه عن الحجاج وكثرتهم في ذلك العام فقال : «ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج، ما حججت إلا أنا وناقتي وعلي بن يقطين.