شغفتني حبًا
منذ استقبالي لخلق الله الجديد قبل ستة أسابيع وانغماسي بحفل استقبالها البهيج مع الأهل والصديقات والأحبة والممتد إلى الآن، وأنا أحاول العودة إلى الكتابة، تتضارب العناوين والموضوعات في عقلي وينساب بعضها على الصفحات البيضاء دون فائدة، فقلبي يستمر بالشرود بعد سطرين أو ثلاثة، الضوء الباهر المنبعث من صدري يحجب الرؤية، فكوبي ممتلئ بأمر آخر تمامًا، لذا من العبث أن أتحدث في غير هذا الحب العظيم الذي يشغلني.
أرتوي من تلك الحلاوة التي انتظرتها بشوق العارف المجرب وأغرق في تأملها، كيف لهذه التجربة أن تجمع التناقضات في مفارقات سافرة، أقصى الوجع وأقصى الحب، يتهتك الجسد وتُنتهك موارده ومخزونه، فيتفانى واهنًا في المنح والعطاء وتعهد المولود الجديد بالسهر والرعاية، يحرمك من ممارسة الحياة كما عهدتها لتسعة أشهر طويلة، وما إن يصل بدل أن تهرب منه لائذًا بالدنيا يصبح هو رفيقك الأحلى والأعز والأغلى.
تنقل بعض المرويات الدينية أن الولادة تغفر ما قبلها من الذنوب، فيظن البعض أن ذلك من باب ما قاسته الأم من الوجع، بينما ما أراه جليًا أن القلب المتطهر بالحب أنقى من أن يحتفظ ببعض الدنس، وحين يسلم القلب من أدرانه تُغفر الذنوب جميعًا.
لذا أليست الأمومة بكل ما لها وما عليها هبة الله الأجمل للأنثى؟ أليس ذلك الحب الذي ينبت في القلب دفعةً واحدة والغني عن التعارف والمعرفة والذي لا تضيره عيوب المحبوب أو نواقصه امتيازًا قل نظيره؟ أليس لذلك كله تعود الأمهات لخوض التجربة مثنى وثلاث ورباع مع سبق الإصرار والترصد؟.
وقبلتها تسعًا وتسعين قبلةً وواحدةً أخرى وكنت على مهل، والحمد لله الوهاب المعطي على أجمل أرزاقه.