الوقت هو خام الحياة
بعض الأقوال المأثورة والمتناقلة تطرق مسامعنا وتمر مرور الكرام، وقد نرددها دون التوقف عندها ومحاولة معرفة مغزاها الحقيقي أو المناسبة التي قيلت فيها، قال أحد القدماء بأن «الوقت من ذهب»، والحقيقة لا يمكن مقايسة الوقت بالذهب؛ فالإنسان يستطيع الحصول على ما يريد من الذهب بعامل الوقت، ولكن لو دفع كنوز الأرض لن يستطيع إرجاع ساعة عاشها وأنقضت من حياته!!
إن الوقت الذي نعيشه هو جزء من حياتنا، الوقت هو قدرة الإنسان الحقيقية للاستفادة من الحياة، الوقت هو خام الحياة وأعظم كنز يمتلكه الإنسان، الوقت هو السلعة الوحيدة الغير قابلة للاسترداد؛ لذا يجب المحافظة على الوقت من الضياع والسرقة والتلف، وللحفاظ على الوقت يلزمنا التعرف أولاً على مضيعات الوقت بأنواعها وطرق التعامل معها، يأتي بعد ذلك تحديد هدف واضح من الحياة يسهل علينا رؤية الطريق الموصل إليه، ووضع خطة عمل لتحقيقه فذلك يساعد النفس على بذل الجهد والصبر لتجاوز التحديات، كما أن الدراسات التربوية الحديثة تؤكد بأن الإنسان الذي لديه هدف واضح في حياته تعلوا معنوياته ويتفتح عقله، ويصبح ذلك الهدف بوصلة يعود إليه كلما تقاذفته أمواج الحياة ومجرياتها فيستمد قوته من خلال الإستمرارية في العمل والإنجاز في سبيل تحقيق هدفه المنشود.
أن التغير النمطي في أسلوب الحياة وظروفها العصرية المتسارعة يستدعي مواكبة مستمرة ومعالجة سريعة للأمور، وذلك بتناول ظروف الحياة العملية والاجتماعية والأسرية وحتى الترفيهية عبر برنامج يومي يتضمن جميع المهام والواجبات، والإيمان بأن ساعات اليوم لا تكفي لتحقيق كل تلك المهام والأهداف، ومن الأجدر تصنيفها وتحديد الأولويات والعمل بالأهم فالمهم، التخطيط هو أساس العمل، وبالتخطيط نستطيع قهر التحديات والصعاب واستقلال كل ساعة من ساعات اليوم.
الحياة أصبحت متسارعة كالمارثون، وكل ساعة نهدرها محسوبة علينا، ومن هنا تأتي ضرورة إدارة وتنظيم الوقت وأهمية التخطيط، وبذل قصارى جهدنا لاستخدام الوقت المتاح في تحقيق أهدافنا المهنية والشخصية؛ فالاستقلال الأمثل للوقت يترتب عليه نتائج إيجابية والعكس صحيح؛ فإن إهدار الوقت يترتب عليه نتائج سلبية.
كيفية التعامل مع الوقت وأدرته تعتبر مهارات مكتسبة يمكن لأي شخص تعلمها وتنميتها، كالاستفادة من أوقات الانتظار في المطارات والحافلات والمستشفيات والبنوك في مكالمة مفيدة أو البحث عبر الأجهزة الذكية عن موضوع نافع أو قراءة كتاب أو الاستمتاع برواية مجدية يستثمر فيها وقت الانتظار؛ فتقدير الوقت وتقيمه هو بداية النجاح، الوقت نعمة من نعم الله علينا وما أعظمها من نعمة، لذا أقسم الله سبحانه وتعالى بالوقت في مواضع عدة من القران الكريم، ومن المعروف أن الله سبحانه وتعالى إذا اقسم بأمر إنما يريد لفت نظر عباده لذلك الأمر وعظمة وجليلة نفعه.