بالقرب من الملا حسن آل باقر
تلقينا نبأ وفاة خادم أهل البيت والأب الروحي والعالم الرباني الجليل الملا حسن آل باقر؛ نتيجة مرض ألَّم به، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
عن أمير المؤمنين «سلام الله عليه»: ”إذا مات العالم انثلمت في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف مثله“.
قضى آل باقر حياته في خدمة الدين والمجتمع، ونشر العلم، والعمل على الإرشاد والتوجيه الديني. وكان شخصية مؤثرة لما يتمتع به من وقار وهيبة ومكانة، وذات حضور اجتماعي بارز، حيث كان يشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، بكل ما عُرِفَ عنه من تواضع وسعة صدر وعظيم الأخلاق.
لقد تشرفتُ بمعرفته منذ حوالي عشرين عامًا، حيث كنت شابًا أجلس تحت منيره متذوقًا حلو كلامه وجميل عباراته ومنطقه.. كنت أشتاقُ إلى قراءته الأسبوعية ليلة الجمعة في منزل السيد حسن المقبل رحمة الله عليه، وأحرص أن أكون متواجدًا حيث كان يسأل عني إذا تغيبت عنه ليلة!
كان يلقبني دائمًا بالوجيه إبراهيم، ويسأل عن أحوالي وأحوال والدي وإخواني، وإذا غبت عنه يسأل والدي وبعض إخواني ويبلّغ سلامه لي. إنها صفة من صفاته الجليلة التي يُقدِّر فيها الآخرين ويشعرهم بالاهتمام والمودة.
أحبه كثيرًا وهو يحب الجميع ولا يخوض في جدال أو اختلاف.. كان خطابه معتدلاً بشكل كبير، لذا وبحكم أخلاقه الرفيعة وسماحة صدره كسب رضا الجميع، فكان الكل يحبه ويحترمه في منطقة القطيف وبالخصوص قريته حيث يعتبر الأب الروحي لها. ولكن مع قربه منَّا وقربنا منه؛ كانت له هيبة مصدرها سمة التواضع والورع والتقوى بين جوانبه.
حبه للحسين:
كان الملا حسن آل باقر رحمه الله يعشق مجالس الحسين ، لذا كانت له عادات للقراءة الحسينية أسبوعيًا في كثير من أحياء وبلدات القطيف. لم يكن يرد أحدًا إذا طلب منه القراءة في منزله، حتى أنني طلبت منه أثناء مرضه أن يقرأ في مجلسنا مجلس الحاج حبيب البحراني رحمة الله عليه بالشويكة/القطيف، فلبى طلبي وهو مقعد على كرسيه المتحرك.
وأتذكر أنني طلبتُ مرافقته في أحد أيام شهر محرم، فكان يقرأ عدة مجالس في قريته حلة محيش لوحدها، كنا ندخل مجلسًا ونخرج منه لآخر خلال ربع ساعة لكثرة المجالس، فقد كان يستجيب للجميع بخصوص القراءة الحسينية حيث عشقه لها.
طلب مني الزواج من إحدى بناته بشرط:
من القصص اللطيفة معه رحمة الله عليه، إذ طلب مني يومًا أن أتزوج، وشجعني ولكني أعتذر منه لظروفي غير المهيئة بعد، فعرض عليَّ أن يزوجني إحدى بناته ولكن بشرط، فقلت له: ما هو؟ فذكر لي الآية الكريمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.
وكان قصده أن أتعلم منه وأن يهيئني لأكون خطيبًا. فمزحت معه أن تكون موافقته سنتين فقط. ولكنه رفض رحمة الله عليه.
لقد كان كأبي؛ حنونًا، عطوفًا، تعلمت منه الكثير.. أسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.