شيخ المؤرخين وذكرى الرحيل
في دنيا الله وأنت تعيش في هذا الزمان تشعر وكأن عقارب الساعة باتت أسرع من ذي قبل!! لا تعلم لماذا هل لأن الوقت لم يعد يشكل لك أهمية أم هل أن العمر أصبح مهدوراً، تشعر بأنك تعيش الغربة في هذا العالم ولاسيما اذا تذكرت أناس كنت تعدهم مكسباً للحياة وملاذاً للأيام وإذا بهم يرحلون ويتركوك تصارع الكمد والفراق والفراغ الثقافي والأدبي ومن أولئك شيخ المؤرخ الحاج جواد بن حسين الرمضان الذي رحل عن عالمنا الفاني السنة الماضية بحيث مرّ عام على رحيله فقد توفي في يوم الأربعاء 27c9 هـ ، فيتّم أولاده وأصدقاءه ومريديه ومحبيه بعد رحيله فكتب من كتب وأشعر من أشعر وأبّن من أبّن والآن وبعد مضي عام على رحيله ماذا يقول أصدقائه وأهل قرابته عنه: -
1 - محمد موسى الرمضان «بوكميل»: -
الآن وبعد مرور سنة على فقد العم شيخ المؤرخين الحاج جواد بن حسين الرمضان بأكملها، يعتبر أسطورة بثقافته وتواضعه وكرمه وأخلاقه.
محب للقراءة فأتخذ الكتاب من جلسائه «خير جليس في الزمان كتاب»، محب للكتابة فجعل وقته كله توثيق فقد أثر على عائلتي نحس بنقصه.
والدي صاحبه في تنقلاته بأجمعها من الاحساء إلى البحرين إلى الكاظمية في العراق وإلى سوريا وآخر السنوات انتقلنا إلى الأحساء وتجددت اللقاءات التي قد تكون دورية في أغلب أيام الجمع من كل أسبوع حيث يدعو أخاه للغداء بالبيت ونرى الأخوين مسرورين ويتحدثان مع أحفادهما.
كانوا أولادي في وقتها ينتظرون يوم الجمعة لكي يلتقون بجدهم ويستقبلون الضيوف في مجلسه العامر حتى أصبحوا جلساء العم إلى الآن تربطنا بالضيوف علاقة حميمة فأبنائي ما أن يرون أحد منهم يصافحونهم ويقبلون رؤوسهم، فرحمك الله يا عم ففقدك آلمنا. [1]
2 - الدكتور الكاتب والقاص السيد عادل بن حسن الحسين: -
تمر علينا الذكرى الأولى لرحيل المؤرخ الكبير شيخ المؤرخين الحاج جواد بن حسين الرمضان رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته مع محمد وآله الأخيار، ما زالت كلماته ترن في الأسماع وما زالت ابتسامته تسر الناظرين وما زال كرمه وحسن ضيافته لهما الأثر الكبير في نفوس زواره ومريديه ومحبيه، مع أن كرمه المادي كبير جداً إلا إن المعنوي أكبر وأجمل بكثير.
مرت سنة على رحيله لكن لوعة الفقد ما زالت تنكت في القلب فتثير الحزن الشديد على فقده وكأننا فقدناه بالأمس فقط. لقد عشنا في كنف جمعته الأسبوعية أجمل وأروع الأيام بما تكتنزه من علم وأدب ومعرفة.
بفقده فقدت الأحساء علماً بارزاً وابناً باراً بها وبعلمائها وتاريخها وتراثها، أيا ليت تلك الأيام تعود إلينا كي نختلف إلى شيخ المؤرخين ونسأله عما في أذهننا من علامات الاستفهام ما زالت عالقة تبحث عن إجابات شافية.
رحمك الله يا أبا حسن وجعل الجنة منزلك ومأواك مع محمد وأله الأخيار. [2]
3 - الأستاذ المحاضر والكاتب سلمان بن حسين الحجي: -
سنة كاملة مرت على رحيل أستاذنا شيخ المؤرخين المرحوم الشيخ جواد بن حسين الرمضان، ولا زلنا نعيش ألم ذلك الفقد على قلوبنا، ونشعر بحسرة الفراق وأثر ما حرمنا منه من ذلك القرب، ومن تلك العلاقة ومن تلك الجلسات المثمرة.
وخلال هذه السنة التي مضت بقي حاضراً وفي كل يوم بذكرياتنا وهو ما يجسد عظيم شأنه وتأثيره على حراكنا، ولهذا كنا ولا زلنا نستشهد ببعض ما تعلمناه من عطائه المتنوع في مجالسنا ونبرز التحديات التي واجهته أمام طلابنا ونخلد ذكراه على منابرنا ونضيف نكاته ومواقفه في كتاباتنا وتسجيلاتنا. إضافة إلى أننا سعينا في مراجعة كتابنا المخطوط والذي يتضمن جلساته في أيام الجمع التي وثقناها في آخر سنة من عمره، لهذا أصبحت ذكرياته معنا منشطة بشكل مستمر.
نقرأ هذه المعلومة ونتفاعل مع إضافته تلك المعلومات التاريخية الهامة عن أحسائنا، عن علمائنا، عن تراثنا، عن أحداثنا، عن قيمنا، ونركز على عمق ذاكرته، ونتأمل إجابته السريعة على من يسأله عن أي معلومة تاريخية يستشهد له من هذا الكتاب ويطلعه على تلك الوثيقة ويرشده إلى ذلك المؤرخ وينقل له وجهة نظره قيما يتحدث فيه.
بقي معنا رحمه الله ولا زلنا نتعلم ونستفيد من مخزون نتاجه، رحمك الله أستاذنا الفاضل وأسكن روحك الجنة وندعو الله أن يجعلنا من الأوفياء في حقك، وأن يكتبنا معك في زمرة الصالحين من عباده [3]
4 - الحاج موسى بن حسين الرمضان «شقيق شيخ المؤرخين»: -
أخي أبا حسن، مضى عاماً على رحيلك رحلت وتركت لوعة في قلبي، لازلت أتخيل أن وفاتك مجرد حلم وأنك على قيد الحياة.
أتذكرك فأبتسم مرة وأبكي ألف مرة رحمك الله يا أخي، تفاصيل وجهك الطيب ضحكاتك أيامك معي في الشام وحبك للعلم والقراءة والاطلاع ومجالستك للأدباء في كل جمعة وشغفك في معرفة الانساب.
لم ولن أنساك أخي رحمك الله ورحم الله والدي وجميع موتى المؤمنين والمؤمنات وأسال الله أن يجمعني معك في الفردوس الأعلى[4]
5 - الأستاذة وفاء جواد الرمضان «أم أيمن»: -
والدي الحبيب بعد مرور سنة على رحيلك للرفيق الأعلى الجرح لا يزال ينزف ألماً على فراقك والعيون تفيض بالدموع حزناً على رحيلك لكن هذه هي الدنيا قال تعالى «وبشر الصابرين»، لكن ألم الفراق صعب.
الحمد لله لقد ارتحت يا والدي العزيز من ألم المرض وكبر السن وعذابه فكم هو مؤلم رؤية الأحبة يتعذبون على فراش المرض والأجهزة أشكالاً وأنواعاً مغروسة في أجسادهم المنهكة من كثرة الأدوية والمرض.
لقد رحلت يا والدي الحبيب معززاً مكرماً حتى أنك ذهبت إلى المستشفى على رجليك ولم تتعب أحداً في نقلك.
الحلم الذي حلمته في ليلة رحيلك لا يزال في مخيلتي وكأنني أراك جالساً على سرير المستشفى ووجهك يشع نوراً وحيوية وصحة بدون أجهزة وأربطة كالأسير فتعجبت وقلت وأنا فرحة مستبشرة خلاص يا والدي الحبيب أزالوا الأجهزة عنك لقد شفاك الله فترد عليّ وتقول نعم يا ابنتي لقد ارتحت الآن، فصحيت من النوم فرحة مستبشرة فأرسلت رسالة لأخوتي اخبرهم بالحلم وابشرهم أننا اليوم إن شاء الله سنرى والدي بصحة جيدة ولكن بعد كم ساعة وصلنا الخبر أنك رحلت من هذه الدنيا الفانية إلى جنات النعيم وارتحت من المرض وعذابه فألف رحمة على روحك الطاهرة والله يجمعنا معك في الفردوس الأعلى من الجنة[5]
6 - الباحث والكاتب والخطيب علي محمد عساكر: -
البعض يأتي إلى الدنيا ويرحل منها دون أن تشعر بوجوده وهو فيها، أو تحس بفقده بعد أن رحل عنها والبعض الآخر يشكل رحيله خسارة كبيرة لا تعوض، ويترك فراغاً كبيراً لا يسده أحداً.
وظني أن شيخ المؤرخين الحاج جود الرمضان الذي مضى الآن عام كامل على رحيله المفجع هو من البعض الآخر فبرحيله فقدت الاحساء قامة شامخة من القيم والمثل، ونخلة باسقة من الخير والعطاء ومكتبة متنقلة من المعلومات التاريخية، وفيما يتعلق بالتراجم والسير خصوصاً ما يخص الاحساء ومعالمها الاثرية ورجالها المبرزين من علماء وأدباء ووجهاء وغيرهم.
ففقده المؤلم فعلاً يشكل خسارة كبيرة لا تعوض، ويترك فراغاً كبيراً لايسده أحداً لكنها سنة الحياة وطبيعتها فرحمه الله رحمة الأبرار وحشره مع النبي محمد وآله الأطهار. [6]
وما لنا إلا ان نقول تعقيباً ونهاية نعم هي لوعة الفراق الذي لا تزال في النفوس على رحيل هذا الرجل المعطاء ولكن ما يصبر الفؤاد أنه ارتحل إلى رب كريم لا ينسى من ذكره ولا يخيب من شكره وهو أي شيخ المؤرخين كفء كريم بما قدم وأعطى وبذل من علمه ومعرفته وأدبه فهو رجل موسوعي من خلال ما بذل من جلساته ومؤلفاته التي تقع في ثمانية عشر عنواناً أما لو حسبناها كمجلدات فإنها تزيد على الأربعين مجلداً هذا خلاف المخطوطات والوثائق ودراية واسعة بكثير من الجوانب الثقافية لاسيما الجانب التاريخي.
رحم الله شيخ المؤرخين بما قدم وبذل وأعطى ولا يسعنا في نهاية المطاف إلا أن نتمثل بما قاله شاعرنا الكبير فيه الشاعر جاسم الصحيح حيث قال: -
«لو أن من ينعاك يعرف من نعى... لأسال أضلعه وعاف الأدمعا
يا مطلع البدرين إن يد الردى... لم تبق للبدرين بعدك مطلعا» [7]