آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

العصابة

سراج علي أبو السعود * صحيفة الرأي السعودي

تُشكل الجماعة المرتبطة ببعضها بقواسم مشتركة، فريقًا، غالبًا ما يمتلك قدرة على التأثير في المنظمات بنسب تختلف باختلاف الدرجات الوظيفية لها، يُسمى هذا التكتل لغويًا «عصبة أو عصابة».

تسعى «العصابة» في نسبة ليست قليلة منها إلى المحافظة على مصالحها حتى على حساب مصلحة المنظمة، هذا يعني أنَّ تضاربًا لو حصلَ بين مصالح الشركة وأهدافها من جانب وبين مصلحة العصابة من جانب آخر، فإنَّ مصلحة العصابة هي المقدمة، حينذاك ستكون النسبة الأعلى من كعكة المناصب والترقيات والوظائف ذات القيمة هي من نصيبهم ونصيب دوائرهم الضيقة، أما من هم خارجها فهم كالنمل الذي يَنبغي أن يبقى ويستمر مُقتاتًا على الفتات.

عبثًا تصطدم المحاولات الحثيثة من وزارة العمل لحل مشكلة الوضع المُزري للعامل السعودي في القطاع الخاص بهذه القوى المتجذرة في الشركات، السبب هو امتلاكها القوة والنفوذ لمنح السعودي وظائف عامل الاستقبال ورجل الأمن، وإضرابها، ومنح دوائرهم القريبة الوظائف الإدارية والهندسة والمالية ذات القيمة،

هكذا ما إن يتقدم مواطن سعودي على وظيفة وهو يحمل أفضل الخبرات المهنية والدرجات العلمية ومن أفضل جامعات العالم يتصدى لمقابلته السيد بابو أو كومار وغيرهما، ليسألوه عن السبب الذي يجعل سلحفاة منقار الصقر مهددة بالانقراض والسبل التي من شأنها رفع معدل تكاثرها، في حين حينما يكون المتقدم هو توماس أو نعيم، فإن الأسئلة ستكون في الغالب حول تمييز المربع من المثلث في إحدى الصور.

هكذا سيكون من النادر أن يقبل هؤلاء مواطنًا سعوديًا في وظيفة ذات قيمة، لاسيما وأقرباءهم وأقرباء أقربائهم وجيرانهم وأصدقاء جيرانهم يقفون في طابورٍ طويل ينتظرون دورهم في فرصة للعمل في بلدنا.

أهم عنصر لخطة تفتيت العصابات هي التوطين القسري للقيادات العليا في الشركات من جانب، ووضع معيار الأجر ضمن معايير حساب نطاقات من جانب آخر، وهو الذي يعني تضاعف قيمة غير السعودي بتضاعف راتبه، فإما الأول فلأن توطين المناصب العليا سيجعل الروح الوطنية الغالبة على المواطن سببًا في ترجيحه لتوظيف الأكفاء من السعوديين، وأما معيار الأجر فلكي تنتفي المعادلة غير المنطقية التي تمنح الشركات الحق في منح السعودي أجر الثلاثة آلاف ريال المحددة كحد أدنى لحسابه كموظف في نطاقات، ومنح غيره عشرات الآلاف والسيارات الفاخرة والسكن الرائع ومميزات ترقى لمميزات وزير.

هكذا ما إن يطبق هذان الشرطان، فسننعم لا محالة برؤية الزي السعودي متربعًا على أجمل المكاتب ومتنفذًا فيها بعدما كان ومازال في نسبته الأعلى - في القطاع الخاص - متبوءًا لأسوء وأوضع وأدنى الوظائف.